الطاقة الشمسية الحرارية في مصر

ECO1729 أبريل 2025
الطاقة الشمسية الحرارية في مصر
إيمان بنسعيد

في ظل تصاعد أزمات الطاقة عالميا وتنامي الطلب المحلي على الكهرباء، تسعى مصر إلى حلول مستدامة وفعالة، ويبرز خيار الطاقة الشمسية الحرارية ليس فقط كبديل واعد، بل كمسار إستراتيجي يمكن أن يحدث تحولا عميقا في بنية الطاقة المصرية واقتصادها الصناعي .

يمثل الاعتماد على الطاقة الشمسية الحرارية نقلة نوعية في التعامل مع أزمة الكهرباء في مصر. فبعكس الأنظمة الكهروضوئية التقليدية، لا تقتصر هذه التقنية على توليد الكهرباء في وضح النهار فقط، بل تستند إلى آليات تخزين حراري مبتكرة، تتيح استمرار الإمداد حتى أثناء الليل، ما يضمن استقرارا أفضل للشبكة وتخفيفا للضغط في أوقات الذروة.

ووفقا للدكتور هاني النقراشي، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الطاقة، فإن هذه التقنية لم تعد خيارا تقنيا فحسب، بل ضرورة وطنية تحقق الاستقلال الطاقوي، وتقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري المستورد. وتعزز هذه الرؤية التي طرحها النقراشي من قيمة التخطيط اللامركزي، حيث يتم إنشاء المحطات بالقرب من مراكز الاستهلاك، مما يقلص فاقد الكهرباء ويخفض تكاليف البنية التحتية.

وتكمن أهمية هذا التوجه في قدرته على توطين الصناعة؛ فبدلا من استيراد المعدات والبطاريات، يمكن تصنيع أجزاء المحطات الحرارية محليا، ما يساعد في خلق فرص عمل، وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد، وتوفير العملة الأجنبية.

وإلى جانب ما سبق، يمكن استخدام هذه المحطات لأغراض استراتيجية أخرى مثل تحلية المياه أو إنتاج الهيدروجين الأخضر، مما يعزز من تكاملها مع خطط التنمية الشاملة.

وتعد مصر من أكثر الدول ملاءمة لاعتماد هذا النمط من الطاقة، بفضل موقعها الجغرافي بين خطي عرض 20 و30، الذي يضمن إشعاعا شمسيا قويا ومستقرا في أغلب أيام السنة. وبالتالي، فإن استغلال هذه الميزة عبر مشاريع ذكية وقريبة من الكتل السكنية، يمكن أن يحقق حلما طال انتظاره؛ كهرباء نظيفة، مستقرة، ورخيصة.

أما من حيث الكلفة، فقد أشار النقراشي إلى أن الطاقة الشمسية الحرارية قد توفر الكهرباء بسعر يصل إلى سنت واحد فقط للكيلوواط/ساعة، كما في مشروع “خُميسة”، وهو ما يجعلها أرخص من الوقود الأحفوري بنسبة تصل إلى 30%، ما يعزز من تنافسيتها وجدواها الاقتصادية.

تعد هذه التقنية رافعة تنموية قادرة على نقل مصر من دائرة الاستهلاك إلى مسار الإنتاج، ومن التبعية في مصادر الطاقة إلى السيادة والاستقلال. ومن هنا، فإن تبني هذا التوجه لا يقتصر على معالجة أزمة الكهرباء الحالية التي تعاني منها مصر، بل يمهد لبناء اقتصاد أخضر حديث، يرسخ مكانة مصر في مشهد الطاقة العالمي ويوفر فرصا جديدة للنمو والابتكار.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

We use cookies to personalize content and ads , to provide social media features and to analyze our traffic...Learn More

Accept