كشف تقرير حديث لمركز التنافسية العالمي “آي إم دي” عن احتلال مدينة الرباط المرتبة 123 ضمن تصنيف “مؤشر المدن الذكية 2025″، الذي شمل 146 مدينة عالمية. يعتمد هذا التصنيف على تقييم السكان المحليين لجودة البنى التحتية والخدمات الرقمية المتوفرة، بالاستناد إلى استطلاع آراء 120 مقيما في كل مدينة، مع إعطاء وزن أكبر للآراء الأحدث.
وبحسب التقرير، حصلت الرباط على تقييم “سي” في مجالي التكنولوجيا والبنية التحتية، مما وضعها ضمن الفئة الرابعة لمؤشر التنمية الحضرية الفرعي، وفق قاعدة بيانات “گلوبال داتا لاب”. ويعكس هذا الترتيب التحديات التي تواجهها العاصمة المغربية، رغم الطموحات التي حملتها مشاريعها الرقمية في السنوات الأخيرة.
من بين أبرز أولويات سكان الرباط، حسب الاستطلاع، برزت أزمة السكن في المقدمة؛ إذ اعتبر 38.1% من المشاركين أن توفير سكن ميسر يشكل أولوية ملحة، متفوقا على قضايا التعليم (20.8%) والأمن (19.5%). ويُعرّف التقرير السكن الميسر بكونه السكن الذي لا تتجاوز كلفته 30% من دخل الفرد الشهري.
على صعيد آخر، ورغم توفر حد أدنى من خدمات الصحة والمواصلات العمومية، سجلت المدينة أداء متواضعا في محاور الصحة، السلامة، النقل الحضري، والحكامة. كما أظهرت النتائج انخفاضاً في مستوى الثقة بالمؤسسات المحلية، وضعفا في أدوات المشاركة المواطنة الرقمية والشفافية المالية.
أما فيما يخص “الركيزة التكنولوجية”، فقد أشار التقرير إلى تأخر الرباط مقارنة بمدن عربية مثل دبي وأبوظبي، اللتين احتلتا مراكز متقدمة عالميا بفضل استراتيجياتهما الذكية في التحول الرقمي، واعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في تدبير الحياة الحضرية.
ورغم هذا التأخر، يبقى هنالك مؤشرات مشجعة: فقد عبّر 72.5% من سكان الرباط عن تعزيز ثقتهم بالسلطات بفضل توفر المعلومات عبر الإنترنت، وأبدى 59.3% استعدادهم لتقاسم بياناتهم الشخصية لتحسين إدارة حركة المرور، ما يدل على وجود أرضية اجتماعية داعمة للانتقال نحو نماذج مدن أكثر ذكاء.
مع ذلك، لا تزال التحديات المرتبطة بالعدالة الاجتماعية، مثل الترحيب بالأقليات، فرص التعلم مدى الحياة، والوصول إلى الإنترنت الجيد، دون المستوى المطلوب لتحقيق تحول حضري شامل. فالتقرير يوضح أن الذكاء الحضري لا يقتصر على التكنولوجيا، بل يشمل أيضا سياسات الإسكان والتشغيل والحكامة الرشيدة.
في هذا السياق، تبدو الحاجة ملحة إلى مراجعة النموذج الحضري لمدينة الرباط، عبر تبني مقاربات تشاركية متكاملة، تضع الرقمنة في خدمة المواطن، مع تنسيق جهود الجماعات المحلية والحكومة المركزية للاستثمار في قطاعات السكن والنقل المستدام والإدارة الذكية للمرافق العمومية.
على الصعيد العالمي، حافظت مدينة زوريخ السويسرية على صدارتها لمؤشر المدن الذكية بفضل تفوقها في مجالات البنية الرقمية، الحكامة التشاركية، والخدمات الصحية الذكية، مما يؤكد أن تبني الابتكار الحضري أصبح اليوم مفتاحا أساسيا لتحسين جودة الحياة في المدن العصرية.