استضافت مدينة طنجة الدورة الثامنة لمنتدى “طنجة مدينة مستدامة”، حيث شارك حوالي 150 فاعلا يمثلون قطاعات متعددة، منها الهيئات المنتخبة، المصالح الإدارية، المجتمع المدني، النقابات، الباحثون الأكاديميون، ووسائل الإعلام. تناول المنتدى، المنظم تحت شعار “الصمود الحضري والمدينة المستدامة”، أهمية تعزيز قدرة المدن على مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية والاقتصادية، خاصة في ظل التغيرات المناخية التي تشكل خطرا متزايدا على مدينة طنجة باعتبارها مدينة ساحلية.
انطلقت أشغال المنتدى يوم الجمعة 29 نونبر الجاري، بكلمة افتتاحية ألقاها الأستاذ سعيد شكري، نائب رئيس مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية، الذي أكد على أهمية استمرار المنتدى واعتباره فضاء للنقاش الجاد حول قضايا الاستدامة. مشيرا إلى أن اختيار موضوع “الصمود الحضري” يعكس أولويته في مواجهة أخطار التغيرات المناخية وتأثيراتها على التدبير الحضري.
و تحدث عبد العزيز الجناتي، رئيس المرصد، عن أهمية الشراكة بين المرصد وجماعة طنجة ومؤسسة “فريدريش إيبرت“، مشيرا إلى أن هذه الشراكة ترتكز على أسس الاستدامة وتستحضر خلاصات الدورات السابقة للمنتدى.
وأوضح الجناتي أن المنتدى يهدف إلى تسليط الضوء على مفهوم الصمود الحضري وإدراجه في السياسات العامة باعتباره أداة محورية للتعامل مع المخاطر البيئية والتحديات الحضرية.

من جانبه، استعرض عبد العظيم الطويل، نائب رئيس جماعة طنجة، الجهود المبذولة لمواجهة تحديات التوسع الحضري، الإجهاد المائي، والنقل، مشيراً إلى أن الجماعات المحلية تلعب دورا رئيسيا في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. مؤكدا على أن مجلس جماعة طنجة يعمل على تنفيذ مخطط عمل للفترة 2022-2027 يهدف إلى تحسين التخطيط الحضري وضمان استدامة الخدمات الأساسية.
بدوره، أبرز أنس الحسناوي، ممثل مؤسسة “فريدريش إيبرت“، دور المؤسسة في دعم المرصد وتطوير شراكات مستدامة. وأشاد بالتنظيم الجيد للمرصد وبتجربته التي تجمع بين المجتمع المدني والنقابات والأحزاب، مشيرا إلى أهمية تعزيز مقاربة النوع في مواجهة التغيرات المناخية وتأثيراتها على النساء بشكل خاص.
شهد اليوم الأول جلسة علمية تناولت عدة محاور رئيسية، قدم الحسين بوحوص، مفتش وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير، عرضاً حول “الدينامية الحضرية في مواجهة تحديات الصمود”، حيث أبرز تأثيرات التوسع الحضري والنمو الديمغرافي على مدينة طنجة، مؤكدا على أهمية وضع خرائط خاصة بالمخاطر لكل مدينة.
من جهته، تناول محمد العمراني، ممثل المديرية الجهوية للبيئة، العلاقة بين مخاطر التغيرات المناخية والتنمية الترابية، مسلطا الضوء على أهمية التخطيط المسبق لتعزيز صمود المدن.
وقدم محمد السفياني، رئيس جماعة شفشاون ونائب رئيس شبكة الحكومات المحلية من أجل الاستدامة (ICLEI)، تجارب دولية ومحلية حول الصمود الحضري. بينما تطرق جلال معطى، خبير التنمية والاستدامة، إلى الإطار المفاهيمي للصمود وعلاقته بهشاشة النظم البيئية.
و افتتح اليوم الثاني من المنتدى الموافق للسبت 30 نونبر الجاري، بجلسة حول “إدارة الأزمات والكوارث في المجال الحضري”، أدارتها أسماء خرخر، عضوة المكتب التنفيذي للمرصد، ناقش المتحدثون خلالها استراتيجيات التكيف مع التغيرات المناخية وأهمية التخطيط الترابي لمواجهة الكوارث.
و قدم حسن أغزول استراتيجيات للتكيف وتقليل التأثيرات السلبية للكوارث، بينما تناول محمد نبّو، دور المدن الإفريقية في تعزيز الصمود الحضري.
من جانبها، ركزت نجوى معروف على أهمية التخطيط الترابي الدقيق، وسلط عبد الرحيم كسيري الضوء على الشراكات الوطنية والمحلية كآلية لتعزيز صمود المدن، وقدم نظرة شاملة حول الوضعية الراهنة وطنيا فيما يخص الإجراءات الاستباقية في ظل الكوارث الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية.

و شهد المنتدى ورشتين عمليتين عالجتا مواضيع حيوية:
• الورشة الأولى: تناولت سبل تعزيز قدرة طنجة على التكيف مع الكوارث الطبيعية، ناقش المشاركون تحديات مثل ضعف أنظمة الصرف الصحي وسوء تخطيط البنية التحتية، وأوصوا بإنشاء قاعدة بيانات لتتبع المخاطر، وتطوير شبكات تصريف المياه، وتعزيز المساحات الخضراء.
• الورشة الثانية: ركزت على نموذج جديد للمدن القادرة على مواجهة التحديات المناخية. وتضمنت التوصيات اعتماد خرائط للمخاطر والهشاشة، تخصيص ممرات للنقل العمومي، واستعمال أنظمة استشعار الكوارث.
اختتم المنتدى بمجموعة من التوصيات لتعزيز الصمود الحضري، شملت تطوير خطط استباقية تحدد أدوار الفاعلين، إدماج مفهوم الصمود في التخطيط العمراني، وتحسين شبكات النقل العام. كما دعت التوصيات إلى تعزيز الشراكات المحلية والدولية لدعم المبادرات المستدامة، مع التركيز على نشر قيم التضامن المجتمعي لتعزيز الصمود الاجتماعي.
بهذا، يعكس منتدى “طنجة مدينة مستدامة” رؤية شاملة تسعى إلى تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية الحضرية ومواجهة تحديات التغيرات المناخية، مما يجعل طنجة نموذجا يحتذى به في العمل من أجل الاستدامة.