المشهد البيئي في العراق، تحليل عام واستشراف للمستقبل
يُعد العراق من الدول ذات التنوع البيئي والجغرافي الغني، حيث يجمع بين الأهوار والجبال والسهول والصحارى، ويتميز بموارده الطبيعية الوفيرة وموقعه الجغرافي الاستراتيجي، مما يجعله محورا مهما للتنمية المستدامة في المنطقة. ومع ذلك، يواجه العراق تحديات بيئية متزايدة نتيجة التغيرات المناخية والتصحر والتلوث، ما يستوجب تضافر الجهود الوطنية والدولية للحفاظ على بيئته الطبيعية وتحقيق توازن بين التنمية والبيئة.
الموارد الطبيعية في العراق
يمتلك العراق ثروات طبيعية متنوعة تشكل أساسا مهما لاقتصاده ومصدرا كبيرا لإمكانات التنمية، تُعتبر الأراضي الزراعية من أبرز هذه الموارد إذ تنتشر في مناطق متعددة من البلاد لاسيما في سهلَي دجلة والفرات، وتوفر فرصة لزراعة الحنطة والشعير والرز والتمور وغيرها من المحاصيل الأساسية، هذا الامتداد الزراعي يدعم النشاط الاقتصادي في الريف ويعزز الأمن الغذائي الوطني.
أما المياه، فالعراق يعتمد بشكل رئيسي على نهري دجلة والفرات وروافدهما إلى جانب المياه الجوفية والينابيع ورغم أن هذه الموارد تشهد تراجعا بسبب التغير المُناخي وانخفاض الواردات المائية من دول الجوار، إلا أنها لا تزال تشكل العمود الفقري للقطاع الزراعي والصناعي ومياه الشرب.
ويُعد النفط المورد الأهم في العراق، إذ يملك البلاد احتياطات ضخمة جعلته واحدا من أكبر منتجي ومصدري النفط في العالم تنتشر الحقول النفطية في عدة محافظات مثل البصرة وكركوك وميسان والأنبار، وتُشكّل العائدات النفطية النسبة الأكبر من الموازنة العامة للدولة، مما يربط الاقتصاد العراقي بشكل وثيق بأسعار السوق العالمية للطاقة.
إلى جانب ذلك، هناك موارد أخرى لم تُستثمر بعد بالشكل الكافي، مثل الغاز الطبيعي والفوسفات والكبريت وبعض المعادن فضلا عن البيئات الطبيعية كالجبال والواحات والأهوار التي يمكن أن تلعب دورا في السياحة البيئية والاقتصاد الأخضر.
بشكل عام يعكس تنوع الموارد الطبيعية في العراق إمكانيات كبيرة للنهوض الاقتصادي، إذا ما تم إدارتها وفق استراتيجيات وطنية فعّالة تُراعي التحديات البيئية والاقتصادية في الوقت نفسه.
التحديات البيئية
رغم تنوع الموارد الطبيعية، إلا أن العراق يشهد بعض التحديات البيئية التي تحتاج إلى حلول مبتكرة ومستدامة، أبرز هذه التحديات:
إدارة النفايات:
يواجه العراق صعوبات في إدارة النفايات الصلبة بالشكل الأمثل وتحسين أنظمة جمع وفرز النفايات يمكن أن يعزز من الجهود البيئية ويقلل من تأثيرها على المشهد الحضري.
التلوث الناتج عن النشاط الصناعي:
مع وجود النشاط النفطي والصناعي في العراق، هناك حاجة لزيادة التركيز على التقنيات الصديقة للبيئة للحد من الانبعاثات وتحسين جودة الهواء.
الغطاء النباتي:
يُعد الحفاظ على الغطاء النباتي ودعم الزراعة المستدامة في المنطقة من الخطوات الضرورية لتعزيز التوازن البيئي.
آفاق تحسين الواقع البيئي
يمكن أن يشهد العراق تحولا إيجابيا في الواقع البيئي من خلال بعض الإجراءات التي يمكن تنفيذها بالتعاون بين الحكومة المحلية والمجتمع وتشمل:
التخطيط الحضري المستدام: وضع خطط لتطوير البنية التحتية بما يضمن حماية البيئة ودعم التنمية المستدامة.
تعزيز التوعية البيئية: نشر ثقافة الحفاظ على البيئة بين الأفراد والمؤسسات من خلال الحملات الإعلامية والتعليمية.
التعاون مع الشركاء الدوليين: يمكن أن يستفيد العراق من الخبرات والتقنيات الدولية في إدارة التحديات البيئية، وخاصة في مجالات الطاقة المتجددة وإعادة التدوير.
الخلاصة
رغم التحديات التي تواجه البيئة في العراق، إلا أن العمل المستمر والتعاون المشترك يمكن أن يؤدي إلى تحقيق نقلة نوعية نحو مستقبل أكثر استدامة وإن استثمار الجهود في تعزيز الممارسات البيئية الإيجابية ليس فقط مسؤولية اقليمية، بل مسؤولية دول العالم أجمع.