يشهد المغرب تصاعدًا مقلقًا في حالات التسمم الغذائي، حيث أودت الوجبات السريعة وأطعمة الشوارع بحياة العديد من المواطنين، وسط جدل واسع حول دور السلطات الرقابية في مواجهة هذه الظاهرة.
أصيب 159 شخصًا بتسمم غذائي، بمدينة الدار البيضاء خلال الأسبوع الماضي، بعد تناولهم وجبة خفيفة وعصائر، وهو ما أثار تساؤلات حول سلامة الأطعمة المتوفرة في الشوارع. ووفقًا لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، يشكل التسمم الغذائي 17% من إجمالي حالات التسمم في المغرب، والتي تتراوح سنويًا بين 1000 و1600 حالة، بينما يخضع للعلاج داخل المستشفيات بين 30% و45% فقط من المصابين.
أسباب تفاقم التسمم الغذائي
تعود أسباب تفاقم التسمم الغذائي في المغرب إلى التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي دفعت الكثيرين إلى تناول الطعام خارج المنزل.
وازدادت هذه الظاهرة بسبب ضغوط العمل التي تقلل من وقت إعداد الوجبات المنزلية، إضافة إلى انتشار نمط الحياة الترفيهية الذي يتضمن تناول الطعام في المطاعم أو عربات الشارع.
ويشكل غياب معايير النظافة في هذه الأماكن خطرًا مباشرًا على صحة المستهلكين، حيث يتم تقديم الأطعمة في ظروف غير صحية وتخزينها لفترات طويلة دون الالتزام بقواعد التبريد والتخزين السليم.
علاوة على ذلك، فإن قلة تدريب العاملين في القطاع على أسس النظافة الصحية تضاعف من احتمالات حدوث التسمم الغذائي.
يشكل غياب دور المكتب الوطني للسلامة الصحية والمنتجات الغذائية في مراقبة المواد ذات الأصل الحيواني إحدى أبرز الثغرات التي تسهم في تفاقم ظاهرة التسمم الغذائي في المغرب.
ويضع هذا القصور صحة المستهلكين في خطر، خاصة مع انتشار عربات الأطعمة والمطاعم التي تقدم وجبات غير خاضعة للمعايير الصحية اللازمة.
ومع تنظيم المغرب لتظاهرات سياحية كبرى واستقباله لزوار من مختلف أنحاء العالم، تبرز الحاجة الماسة إلى تعزيز آليات الرقابة وتطبيق الاشتراطات الصحية بصرامة.
ويتطلب ذلك تنفيذ سياسات أكثر صرامة، تشمل الفحص الدوري للمواد الغذائية، مراقبة طرق تخزينها ونقلها، وضمان تدريب العاملين على قواعد السلامة الصحية.
إضافة إلى ذلك، فإن تطبيق القوانين المتعلقة بسلامة الغذاء بات ضرورة لحماية سمعة المغرب كوجهة سياحية آمنة ومميزة.
جهود وزارة الداخلية
أعلنت وزارة الداخلية، في مواجهة هذه الظاهرة، عن برنامج يمتد حتى عام 2025 لإنشاء 130 مكتبًا جماعيًا لحفظ الصحة. ويهدف البرنامج، الذي تبلغ تكلفته الإجمالية 1040 مليون درهم، إلى تقوية قدرات الرقابة الصحية في الجماعات الترابية.
وأوضح عبد الوافي لفتيت وزير الداخلية، أن هذه المكاتب ستعزز بـ260 طبيبًا، و130 طبيبًا بيطريًا، و260 ممرضًا و260 تقنيًا، مشيرًا إلى أن تمويل البرنامج يتم عبر حصة سنوية من الضريبة على القيمة المضافة.
وتشمل مهام هذه المكاتب مراقبة المواد الغذائية والمشروبات، والتحقق من سلامة وسائل التخزين والنقل وفق المعايير الصحية.
في ظل غياب الرقابة الصارمة، يظل المستهلك هو الضحية الأولى لأطعمة تفتقر إلى شروط السلامة الصحية. ويأمل المغاربة أن تسهم هذه الإجراءات في وضع حد للأزمات المتكررة وضمان حقهم في الغذاء الآمن.