تلعب التربية البيئية دورا جوهريا في حماية الموارد المائية والحفاظ على استدامتها، لا سيما في ظل التغيرات المناخية والاستنزاف المتزايد للمياه، حيث تهدف هذه العملية التربوية إلى تعزيز الوعي البيئي لدى مختلف الفئات العمرية والمجتمعية، من خلال تزويدهم بالمعارف والمهارات اللازمة لاتخاذ قرارات مستنيرة تسهم في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد، قدم الخبير البيئي مصطفى بنرامل، ورقة تأطيرية حول الموضوع في الندوة الدولية “الماء في أزمة: التحديات، الابتكارات، والعدالة المائية”، التي عقدت عن بعد عبر منصة Google Meet، احتفالا باليوم العالمي للمياه في 22 مارس 2025.
وسلطت الندوة الضوء على أهمية المياه والتحديات المرتبطة بإدارتها في ظل تغير المناخ تحت شعار “أنقذوا أنهارنا الجليدية”، وشارك في الندوة خبراء مغاربة ودوليون، بالإضافة إلى طلبة باحثين وفعاليات من المجتمع المدني المهتمين بالشأن البيئي.
تساهم التربية البيئية في فهم التحديات البيئية والمناخية، مثل التغير المناخي والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي، مما يحفز الأفراد والمجتمعات على تبني سلوكيات مسؤولة للحفاظ على الموارد الطبيعية، كما تعزز مبادئ التنمية المستدامة، التي تهدف إلى تلبية احتياجات الحاضر دون الإضرار بحقوق الأجيال القادمة.
وتساعد التربية البيئية في تنمية المسؤولية الاجتماعية، من خلال توعية الأفراد بأهمية المشاركة في حل المشكلات البيئية والمناخية، وتحسين جودة الحياة عبر توفير بيئة صحية وآمنة للجميع، كما تعزز المعرفة البيئية، عبر تزويد الأفراد بالمعلومات حول مصادر المياه، ودورة المياه في الطبيعة، والتحديات التي تواجه الموارد المائية، مثل التلوث والاستغلال غير الرشيد.
تغير التربية البيئية السلوكيات من خلال تشجيع ترشيد استهلاك المياه، وتجنب تلويثها، والانخراط في أنشطة لحمايتها، مثل حملات تنظيف الشواطئ وحماية الأنهار، مساهمة في تطوير القيم البيئية وتعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه حماية الموارد المائية.
كما جاء في الورقة، أن أنشطة التربية البيئية تشمل مختلف الفضاءات، مثل المدارس والجامعات ومراكز الطفولة، إضافة إلى وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وتلعب المؤسسات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني دورا أساسيا في نشر الوعي البيئي وتنفيذ برامج تربوية لحماية الموارد المائية.
وتظهر الأمثلة العملية، التي استحضرها الخبير البيئي، أهمية التربية البيئية في الحفاظ على الموارد المائية، مثل إدخال مفاهيم الحفاظ على المياه في المناهج الدراسية، وتنظيم حملات توعوية، وإقامة ورشات عمل ودورات تدريبية حول إدارة المياه. كما تشمل الأنشطة العملية حملات تنظيف الشواطئ والأنهار، وتشجيع إعادة التدوير، وزراعة الأشجار لحماية الموارد المائية وتعزيز التنوع البيولوجي.
وأكدت الوثيقة أن معالجة أزمة المياه اليوم، تعتمد على تغيير السلوكيات البشرية، وليس فقط على توفير موارد مائية جديدة، فالتعامل المسؤول مع هذا المورد الحيوي يتطلب تنمية الوعي المائي، وهو ما يتحقق عبر التربية البيئية. ومن خلال دمج مبادئ التربية البيئية في مختلف جوانب الحياة، يمكننا بناء مجتمعات أكثر استدامة، قادرة على مواجهة تحديات المناخ وحماية الموارد المائية للأجيال القادمة.