البنك الدولي يتوقع تراجعا حادا في أسعار السلع الأولية مع تباطؤ النمو ووفرة الإمدادات..انكماش أسعار الغذاء 7% رغم تفاقم الجوع، مفارقة تضع العالم أمام تحديات إنسانية
توقع الخبراء، في أحدث تقرير صادر عن البنك الدولي تحت عنوان نشرة آفاق السلع الأولية، توقع الخبراء انخفاضا كبيرا في أسعار السلع الأولية العالمية خلال العامين المقبلين، ليصل إلى أدنى مستوياته منذ سنة 2020. ويأتي هذا التوقع في ظل تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وزيادة المعروض من النفط، مما قد يخفف من حدة التضخم على المدى القريب لكنه يهدد في الوقت نفسه بتراجع النمو في العديد من الاقتصادات النامية.
تفاصيل التوقعات: انخفاض بنسبة 17% بحلول 2026
يتوقع التقرير انخفاض أسعار السلع الأولية بنسبة 12% في 2025، تليها نسبة 5% إضافية في 2026، ليصل المستوى العام إلى أدنى قيمة حقيقية (معدلة حسب التضخم) منذ ما قبل جائحة كورونا. وتشير المعطيات إلى أن هذا التراجع سينهي مرحلة الصعود الحادة التي شهدتها الأسعار خلال تعافي الاقتصاد العالمي من آثار الجائحة والحرب في أوكرانيا.
الطاقة في المقدمة: النفط قد يهبط إلى 60 دولارا للبرميل
من المتوقع أن تشهد أسعار الطاقة أكبر انخفاض، بنسبة 17% في 2025 و6% في 2026، مع وصول سعر خام برنت إلى 64 دولارا للبرميل هذه السنة و60 دولارا في السنة الموالي. ويعزى ذلك إلى:
-وفرة المعروض النفطي: مع تخطي الإنتاج العالمي للطلب بمقدار 0.7 مليون برميل يوميا في 2025.
-انتشار السيارات الكهربائية:حيث تمثل المركبات الكهربائية والهجينة 40% من مبيعات السيارات الجديدة في الصين، مقارنة بـ15% فقط في 2021.
-تراجع استخدام الفحم: مع انخفاض متوقع بنسبة 27% في 2025 بسبب تحول الاقتصادات النامية إلى مصادر طاقة أنظف.
الغذاء والمعادن: انخفاض مع استمرار الأزمات الإنسانية
رغم تراجع أسعار الغذاء المتوقع بنسبة 7% في 2025، يحذر التقرير من تفاقم انعدام الأمن الغذائي الحاد في 22 دولة، حيث يعاني 170 مليون شخص من نقص حاد في الغذاء بسبب الصراعات وتقلص المساعدات الإنسانية. وفي قطاع المعادن، من المتوقع هبوط الأسعار بفعل تباطئ الطلب الصيني وضعف قطاع العقارات، بينما يحافظ الذهب على مستوياته المرتفعة كـ”ملاذ آمن” في ظل التوترات الجيوسياسية.
تحذيرات للاقتصادات النامية: تقلبات غير مسبوقة
أكد إندرميت غيل Indermit Gill، رئيس الاقتصاديين بالبنك الدولي، أن تقلبات الأسعار وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ 50 عاما، داعيا الحكومات إلى:
1. تعزيز الانضباط المالي.
2. تحسين مناخ الأعمال لجذب الاستثمارات.
3. تحرير التجارة لتعزيز النمو.
بدوره، حذر أيهان كوسي Ayhan Kose، مدير مجموعة آفاق التنمية، من أن “التقلبات الشديدة قد تصبح هي القاعدة الجديدة”، مشيرا إلى ضرورة بناء صمود اقتصادي عبر سياسات مؤسسية قوية.
هل نحن أمام عصر جديد من عدم الاستقرار؟
يخلص التقرير إلى أن العقد الحالي شهد تقلبات غير مسبوقة في أسواق السلع، مع تقلص دورة الصعود والهبوط من 4 سنوات إلى سنتين فقط. وفي ظل تغير المناخ والتوترات التجارية، قد تكون الاقتصادات النامية أمام اختبار صعب لموازنة الموازنات وحماية الفئات الأكثر ضعفا.