أكد أحمد البواري، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات خلال جلسة عمومية عقدت يوم أمس الثلاثاء بمجلس النواب، خصصت لمناقشة تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول “تأثير التغيرات المناخية على القطاع الفلاحي بالمغرب والبرامج المعتمدة للحد منها”، أن المغرب يشهد منذ 2019 تراجعا حادا في التساقطات المطرية، ازدادت حدته خلال السنوات الثلاث الأخيرة مع عدم انتظام توزيعها زمانيا ومكانيا، إلى جانب موجات حرارة مفرطة.
وأوضح الوزير أن هذا الوضع أدى إلى تراجع كبير في حجم المياه المخصصة للفلاحة، حيث بات القطاع الزراعي الأكثر تضررًا، نظرًا لإعطاء الأولوية لتزويد مياه الشرب والصناعة والسياحة.
وسجل المتدخل نفسه أن المياه الموجهة للري من السدود خلال الموسم الفلاحي الماضي لم تتجاوز 900 مليون متر مكعب، أي ما يغطي فقط 17% من الحاجيات الفعلية، مما انعكس سلبا على المساحات المزروعة والإنتاج الفلاحي والحيواني، وأدى إلى اضطراب في الدورة الاقتصادية بالمناطق القروية، خاصة من حيث فرص الشغل.
وشدد البواري على أن “استراتيجية الجيل الأخضر” تشكل إطارا عمليا لمواجهة آثار التغيرات المناخية، عبر تعزيز الفلاحة المستدامة والنهوض بالرأسمال البشري، مشيرا إلى أن تطوير محور “فلاحة مقاومة للتغيرات المناخية وناجعة بيئيا” يمثل إحدى أولويات هذه الاستراتيجية.
وكشف المتحدث نفسه، أن الوزارة تعمل في إطار البرنامج الوطني للتزويد بمياه الشرب والسقي 2020-2027، على تكثيف الجهود لتحسين وتثمين الموارد المائية، من خلال برامج تعبئة وترشيد استهلاك مياه الري لبلوغ مليون هكتار من الأراضي المسقية بتقنيات موفرة للمياه، وتشجيع استخدام الطاقات المتجددة في الفلاحة، وإحداث مناطق ري جديدة بالاعتماد على مياه السدود وحماية الفرشات الجوفية على مساحة 72 ألف هكتار بحلول 2030.
وأكد البواري أن الوزارة تعمل على تأهيل 200 ألف هكتار من الدوائر السقوية الصغرى والمتوسطة، بهدف تمكين الفلاحين الصغار من الولوج إلى الموارد المائية، خصوصا في المناطق الجبلية والواحات، كما يتم التركيز على تعبئة المياه غير التقليدية عبر إنشاء محطات لتحلية مياه البحر، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى توفير أكثر من 1.7 مليار متر مكعب من المياه المحلاة.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن مشاريع تحلية المياه ستساهم في تأمين تزويد المدن الساحلية وضمان ماء الري في المناطق الفلاحية المتضررة من العجز المائي، وذكر في هذا السياق أن الوزارة أنجزت مشروع اشتوكة لتحلية مياه البحر، الذي ساهم في تأمين مياه الشرب لمدينة أكادير وسقي 15 ألف هكتار باشتوكة، التي تعتبر منطقة محورية في تزويد الأسواق الوطنية بالخضر.
وأضاف أن الأشغال تتواصل بمشروع تحلية مياه البحر بالداخلة، والذي يعتمد على الطاقة الريحية لسقي 5000 هكتار، إضافة إلى دراسات جارية لإنشاء مشاريع مماثلة في الجهة الشرقية، ودكالة عبدة، والحوز، وسوس ماسة، وكلميم، وبوجدور، وطانطان.
وأبرز البواري أن الوزارة تعمل، بالتنسيق مع باقي القطاعات المعنية، على تنفيذ مشاريع الربط بين الأحواض المائية، حيث تم إنجاز الشطر الأول من مشروع الربط بين سبو وأبي رقراق، إلى جانب انتهاء الأشغال بمشروعي الربط بين سدي واد المخازن ودار الخروفة، والربط بين محطة تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر وشبكة تزويد المنطقة الجنوبية للدار البيضاء.
وأكد الوصي على القطاع، أن الوزارة تواصل تنزيل مشاريع الفلاحة الحافظة عبر برنامج “مليون هكتار من الزرع المباشر”، مشيرا إلى أن القطاع الفلاحي يساهم في خفض انبعاثات غازات الدفيئة في إطار التزامات المغرب المناخية، وذلك عبر غرس الأشجار وتطوير أصناف زراعية مقاومة للجفاف وندرة المياه.
وكشف المسؤول الحكومي أن الفترة الممتدة بين 2021 و2023 شهدت غرس 200 ألف هكتار إضافية من الأشجار، بما يشمل الزيتون، اللوز، النخيل، الخروب، التين، الأركان، الصبار، والشجيرات العلفية، مؤكداً أن التنوع البيولوجي وحماية المناطق الهشة يشكلان أولوية كبرى ضمن استراتيجية تنمية الواحات وشجر الأركان.
وشدد الوزير على أن استراتيجية “غابات المغرب 2020-2030” تعد من الركائز الأساسية لتنمية التنوع البيولوجي والمحافظة على المجال الغابوي، مشيرًا إلى أن الحكومة عازمة على مضاعفة الجهود لمواكبة الفلاحة الوطنية والفلاحين، خصوصًا الصغار منهم، في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية، والعمل على تطوير قطاع زراعي قادر على الصمود أمام هذه التحديات.
وأكد البواري أن الوزارة تنخرط، بكل مسؤولية، في تنزيل البرنامج الملكي لتزويد المياه الصالحة للشرب والري، والمساهمة بفعالية في مواجهة تحديات ندرة المياه، والتي وضعتها الحكومة ضمن أولوياتها خلال ما تبقى من هذه الولاية.