في ظل انتقال سكان العالم، باستمرار وبسرعة، إلى المدن، أكثر من أي وقت مضى ، كيف يمكننا ضمان أن تكون البيئات الحضرية مستدامة وآمنة لمواطنيها؟ هذا السؤال وغيره شكل محور النقاش في النسخة الثانية عشرة للمنتدى الحضري العالمي (WUF-12) بالقاهرة، جمهورية مصر العربية، والمنعقد تحت شعار “كل شيء يبدأ محليًا – لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة”، والذي نظم من قبل برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (الموئل) بالتعاون مع الحكومة المصرية، خلال الفترة من 4 إلى 8 نوفمبر 2024.. وقد أنشئ المنتدى الحضري العالمي (WUF)، وهو مؤتمر رئيسي للأمم المتحدة معني بالتنمية الحضرية المستدامة، في عام 2001 لمعالجة قضية التحضر العالمي، بوصفه أحد أكثر القضايا إلحاحا التي تواجه العالم اليوم، كما يدرس المنتدى تأثير التحضر السريع وتغير المناخ وانعكاساته على السياسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في المجتمعات والمدن. ومنذ ذلك الحين، يعقد المنتدى العالمي كل عامين، وسوف يتم تنظيم النسخة الثالثة عشرة (WUF-13) في باكو، أذربيجان، سنة 2026. ويضم المنتدى الحضري العالمي، غير الإلزامي، جميع الجهات الفاعلة من الدول والسلطات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص والمجال الجامعي ويرمي إلى الدفع بعجلة تنفيذ الالتزامات الدولية من أجل بلوغ الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة لأجندة 2030 المخصص للمدن المستدامة. وشدد المنتدى على ضرورة الالتزام بتعزيز التحضر المستدام، من خلال تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة وأجندة 2030، وأن الانطلاقة تبدأ محليًا، فيما شهدت الفعالية مشاركة بارزة من المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، آنا كلوديا روزباخ.
“آمنة للنساء، آمنة للجميع”: دعوة لإشراك النساء والفتيات في التخطيط الحضري
هذه العبارة، كانت إحدى الرسائل الرئيسية التي نقلتها القيادات النسائية والناشطات والشباب وغيرهم في المنتدى الحضري العالمي يوم الأربعاء6 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 في القاهرة. ومع استمرار أشغال الدورة الثانية عشرة للمنتدى، ناقش المتحدثون قضايا مثل التمويل والإسكان واستكشاف سبل ضمان السكن اللائق وبناء شراكات لتمكين المرأة على المستوى المحلي. كما تم النظر إلى هذه المواضيع من خلال منصة عمل بيجين، وهو جدول أعمال عالمي بارز للمساواة بين الجنسين والنوع الاجتماعي وتمكين المرأة اعتمدته البلدان الأعضاء في الأمم المتحدة عام 1995.

شارك الدكتور يوسف الكمري، ممثلا عن مركز التنمية لجهة تانسيفت (CDRT)، مراكش، المغرب، وعضو الشبكة العربية للنوع الاجتماعي والتنمية (ANGED)، يوم الاثنين 4 نوفمبر 2024، في افتتاح فعاليات جلسة المرأة التي جاءت خلال أول أيام المنتدى الحضري العالمي “WUF12″ في دورته الثانية عشر. كما حضر الدكتور الكمري، عدد من الجلسات النقاشية في مجموعة من الموضوعات الأساسية خلال هذا المنتدى العالمي، وتعرف على أهم السياسات الحضرية الوطنية والدولية في التعامل مع تلك الموضوعات وهي: (تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين) و(المرأة وأزمة المناخ ) و(تمويل توطين أهداف التنمية المستدامة). كما تم تنظيم جلسة تحت عنوان «المائدة المستديرة النسائية – توطين إعلان بكين نحو بيجين +30 «. وناقش المشاركون خلال المائدة المستديرة، عددا من القضايا والموضوعات من بينها إعلان بيجين +30 الذي يناهض العنف ضد المرأة، إلى جانب سبل توفير التعليم والصحة وحقوق الإنسان ذات الصلة. كما أكد المشاركون أهمية دعم الاستثمار القائم على النوع الاجتماعي، ووضع أهداف محددة للتأكد أن المدن ووسائل النقل والمرافق المختلفة آمنة للمرأة. كما شارك في الجلسة التي جاءت بعنوان ” تمويل تمكين المرأة” ، والتي أكدت مخرجاتها على أن التمكين الاقتصادي للمرأة يعدّ محوراً أساسياً لتعزيز دورها في المجتمع واستقرار أسرتها.
التخطيط الحضري: نحو تعزيز أدوار المرأة في ظل مناخ متغير
خلال فترة المنتدى، من 4 إلى 8 نونبر 2024، شارك الدكتور يوسف الكمري، في مجموعة من الأحداث الجانبية وجلسات النقاش التي ركزت على المرأة والمناخ والتخطيط الحضري. من أهم الجلسات التي شارك فيها :
- Plenary for Gender Equality and Climate Change
- Side Event : Women advocating for Gender-Inclusive, People-Centered Urban Development- Our Cities, Our Homes
- Side Event : Feminist Cities. Advancing Care, Climate Justice, and Inclusive Urban Planning–
وقد شكلت الجلسات التي حضر فيها، تأكيدا على تعزيز العدالة بين الجنسين وحقوق المرأة في التنمية الحضرية، وذلك لعدة أسباب، منها:
- معالجة التحديات العالمية العاجلة: بحيث عالجت الجلسات القضايا الملحة مثل البنية التحتية للرعاية والأمن الغذائي وتغير المناخ والتخطيط الحضري الشامل من خلال مقاربة النوع الاجتماعي، مع تقديم إجراءات كحلول عملية من مناطق متنوعة لتلك التحديات المعقدة.
- استمرارية الشراكات بناءً على التجارب النجاحة السابقة: بناءً على نجاح “وجهات النظر النسوية حول المدن. تقاطع النظرية والتطبيق العملي” في الدورة الحادية عشرة للمنتدى الحضري العالمي، واصلت الأحداث الجانبية الاستفادة من شبكة غنية من المنظمات والمبادرات والناشطين والخبراء ذوي التجربة. – مع إدماج المبادئ النسوية في التنمية الحضرية.
- توفير حلول ملموسة: من خلال التركيز على القضايا الرئيسية: مدن الرعاية، والعدالة المناخية، والتخطيط الحضري الشامل، بهذه الطريقة يمكن إنشاء مساحة لتبادل الاستراتيجيات الملموسة وأفضل الممارسات والأدوات اللازمة لتنفيذ المبادرات الحضرية الشاملة للجنسين.
- إحداث تأثير دائم: من خلال تمكين المشاركات والمشاركين من اتخاذ الإجراءات وتنفيذ المبادرات الحضرية المراعية للنوع الاجتماعي في مجتمعاتهم، فإن هذه الأحداث الجانبية لديها القدرة على تحفيز التغيير الدائم محليًا ووطنيًا ودوليًا. ومن خلال تزويد الأفراد بالأدوات والإلهام الذي يحتاجون إليه لدفع التحول الإيجابي، فهذا يجعل كل المتدخلين يسهمون في تحقيق مدن أكثر إنصافًا وشمولاً واستدامة للجميع.
ومن بين أبرز الأحداث في المنتدى الحضري العالمي، وعلى هامش أشغال الدورة ال12 للمنتدى الحضري العالمي، تم يوم الجمعة 08 نونبر 2024 برواق المملكة المغربية، وفي حضور مجموعة من الفاعلين الاقليمين والدوليين، الإعلان عن استضافة المملكة المغربية للمؤتمر العربي الثالث للأراضي، خلال الفترة من 18 إلى 20 فبراير 2025، وذلك تحت شعار “العقار في قلب القضايا المعاصرة الاستثمار، الصمود، والابتكار”. ويهدف هذا المؤتمر حسب الجهة المختصة، إلى تعزيز التعاون بين الدول العربية وتشجيع الالتزام باتخاذ خطوات ملموسة لتحسين حكامة العقار لما لها من أهمية كبيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في المنطقة. وستركز المواضيع المطروحة على قضايا حيوية مثل الابتكار في إدارة العقار لتعزيز الاستثمار المستدام، وحكامة الأراضي في ظل الأزمات، ودور المرأة في قطاع العقار.
وقبيل الجلسة الختامية للمنتدى، قالت السيدة أناكلوديا روسباخ المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، للصحفيين، إن تركيز المنتدى على العمل المحلي جاء في الوقت المناسب، “بالنظر إلى أن أكثر من نصف سكان العالم يقيمون الآن في المناطق الحضرية“، مضيفة أن “الحكومات المحلية لها تأثير كبير على نوعية الحياة وحالة المدن والمستوطنات البشرية“. ووصفت المنتدى الثاني عشر بأنه “نقطة تحول في رحلة المنتدى الحضري العالمي“.
نداء القاهرة للعمل يختتم “أكبر تحالف حضري عالمي في العالم”.
على هامش اختتام أشغاله، أصدر المشاركون في المنتدى الحضري العالمي نداء القاهرة للعمل حيث دعوا إلى:
- اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة أزمة الإسكان العالمية.
- تحقيق الأهداف العالمية من خلال العمل المحلي.
- الحفاظ على التمثيل المنهجي للجهات الفاعلة المحلية على جميع المستويات.
- تقاسم المساحات والفرص الحضرية بشكل شامل.
- التخطيط الحضري لتحقيق نتائج محلية أفضل.
- توفير التمويل للمدن والمجتمعات المحلية.
- ضمان الإنصاف والعدالة للمدن المستدامة.
- الاستفادة من البيانات المحلية والشعبية لصنع القرار.
- تسخير الثقافة والتراث كأحد أصول الاستدامة.
- بناء الائتلافات والتحالفات لتوسيع نطاق التأثير المحلي.
وقد ادرك جميع المشاركون أن التوسع الحضري هو اتجاه طموح لا رجعة فيه وقوة تحويلية يمكن، إذا تم تسخيرها بشكل فعال، أن تدفع العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي وحماية البيئة والرفاهية. ويؤكدون التزامهم بتعزيز التحضر المستدام من خلال تنفيذ الخطة الحضرية الجديدة وخطة عام 2030 وبالتالي تسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية العالمية الأخرى.
ويعتبر المنتدى الحضري العالمي، الذي نظم بالقاهرة، تحت شعار “كل شيء يبدأ محليا لنعمل معا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة”، ثاني أكبر حدث تنظمه منظمة الأمم المتحدة بعد مؤتمرات المناخ، بما يتضمنه من أنشطة وتظاهرات كثيرة تناقش العديد من الموضوعات في مجالات التنمية الحضرية المختلفة والتنمية العمرانية المستدامة الشاملة.