يقول محمد بن عبو: “رغم التفاؤل، يبقى السؤال: هل الأمطار الأخيرة قادرة على مواجهة التحديات المائية الكبرى التي يعاني منها المغرب ؟”
شهدت مختلف مناطق المملكة، خلال الأيام الأخيرة، تساقطات مطرية، ما ساهم في انتعاش الموارد المائية وتحسن الموسم الفلاحي، خاصة بعد فترة طويلة من الجفاف، الذي أثر بشكل كبير على الفلاحة وإمدادات المياه الصالحة للشرب.
ورغم مساهمة هذه الأمطار في تغذية الفرشة المائية ورفع منسوب السدود، فإنها تطرح أيضا تساؤلات حول مدى قدرتها على تعويض العجز المائي المتراكم في ظل التغيرات المناخية المستمرة.
في هذا الصدد، صرح محمد بن عبو، الخبير في المناخ والبيئة، في حديثه لقناة “ميدي1″، أن هذه التساقطات جاءت في وقت مناسب، حيث ستساهم في إنعاش الفرشة المائية ورفع نسبة ملء السدود، مما قد يخفف من حدة العجز المائي الذي تعاني منه البلاد.
وأوضح بن عبو أن هذه الأمطار سيكون لها تأثير إيجابي على الفلاحة، خاصة الزراعات البورية، التي تعتمد بشكل مباشر على مياه الأمطار، كما ستساعد على تحسين المراعي وتوفير ظروف ملائمة لتربية الماشية.
ولفت الخبير في المناخ، إلى أن حقينة السدود ارتفعت بنسبة مهمة، حيث بلغت يوم الخميس 13 مارس 31،31 % مقارنة بحقينة فاتح مارس التي بلغت 27.4 %، أي بزيادة نسبة 3.4 % تقريبا، وأن الأهم من ذلك هو أن معظم السدود كان لها نصيب من هذه الأمطار، باستثناء حوض أم الربيع وحوض سوس ماسة، موضحا أن هناك بعض السدود الصغيرة التي بلغت 100 %، إلا أنها سدود لا تتعدى حقينتها 100 مليون متر مكعب.
ويرى المتحدث ذاته، أنه رغم ارتفاع حقينة معظم السدود إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن ثاني سد، يغطي العديد من الأقاليم بعد واد سبو، لا يتعدى 28 %، الشيء نفسه بالنسبة لسد المسيرة الذي لا يتجاوز 3 %، وسد بين الويدان الذي لا يتجاوز 6.6 %.
كما أشار الخبير نفسه، إلى أن هذه التساقطات قد تقلل مؤقتا من الضغط على المياه الجوفية، التي تعرضت لاستنزاف كبير، خلال السنوات الأخيرة، بسبب قلة التساقطات وارتفاع الطلب على المياه في مختلف القطاعات، خاصة الفلاحة والصناعة والاستهلاك المنزلي.
ورغم أهمية هذه التساقطات، شدد الدكتور بن عبو على أنها لا تشكل حلا جذريا لمعضلة ندرة المياه في المغرب، موضحا بأن الوضع المائي لا يزال هشا، حيث إن تعويض العجز المائي يحتاج إلى انتظام التساقطات واستمراريتها على مدى الموسم الشتوي، وليس فقط لفترة قصيرة.
وكشف الناشط البيئي، أن التقلبات المناخية أصبحت تؤثر بشكل كبير على أنماط التساقطات، حيث تشهد البلاد فترات طويلة من الجفاف تتخللها أمطار غزيرة قد تؤدي أحيانا إلى فيضانات، مما يتطلب تعزيز البنية التحتية لمواجهة هذه التغيرات المناخية المتطرفة.
ولم يفت بن عبو أن ينوه بالدور الذي تقوم به المديرية العامة للأرصاد الجوية التي تتوفر على أطر كفأة وبرامج جد متطورة، تشتغل على نماذج رقمية خاصة بالمغرب، مشيرا إلى أن هناك برامج خاصة توفرها الدول الأووربية وغيرها، الشيء الذي يجعلنا أمام نظام رصدي يمكننا من تتبع الأحوال الجوية، من خلال الرصد المبكر للظواهر المناخية و إصدار نشرات إنذارية، من أجل توخي الحيطة والحذر، وأيضا إعداد البنى التحتية لتتوافق مع معظم الظواهر المختلفة.