أصدرت المديرية العامة للأرصاد الجوية في المغرب تقريرها لسنة 2023 ضمنته ملخصا شاملا حول التغيرات المناخية التي شهدتها البلاد خلال السنة الماضية بخصوص الاتجاهات المناخية الرئيسية، بما في ذلك ارتفاع درجات الحرارة، نقص الأمطار، وتأثيرات الظواهر الجوية المتطرفة على البيئة والمجتمع:
-ارتفاع درجات الحرارة في المغرب لسنة 2023
شهد المغرب خلال 2023 أعلى درجات حرارة مسجلة منذ بداية القرن العشرين، حيث ارتفعت بمقدار 1،77 درجة مئوية فوق المعدل الطبيعي للفترة الممتدة ما بين 1981-2010، متجاوزة الرقم القياسي المسجل في سنة 2022؛ وسجلت عدة أشهر مثل مارس وأبريل وغشت وأكتوبر درجات حرارة غير مسبوقة، وكانت درجات الحرارة اليومية أعلى من المعدلات المعتادة على مدار 279 يوما، و هو ما يمثل 79٪ من أيام السنة. وفي 11 غشت 2023، سجلت مدينة أكادير أعلى درجة حرارة على الإطلاق في المغرب، حيث بلغت 50،4 درجة مئوية، متجاوزة حاجز الـ 50 درجة لأول مرة في تاريخ المملكة.
-نقص حاد في الأمطار وتفاقم الجفاف
عرف المغرب في 2023 أسوأ فترة جفاف منذ أكثر من 80 سنة، حيث شهدت البلاد عجزا في هطول الأمطار بنسبة 48٪، مما يجعل من سنة 2023 الأكثر جفافا خلال العقود الأخيرة. وكانت هذه السنة هي الخامسة على التوالي من الجفاف، وهو ما يشكل أطول فترة من الجفاف المتواصل في تاريخ المغرب الحديث، الذي بلغ فيه متوسط نقص الأمطار حوالي 35٪، مما أدى إلى تفاقم الظروف الزراعية والبيئية في البلاد.
-آثار الجفاف على الزراعة
أثر الجفاف بشكل كبير على القطاع الزراعي في المغرب، و كانت الحملة الزراعية 2022-2023 واحدة من أكثر الحملات تحديا، حيث شهدت نقصا حادا في الأمطار بلغ 29،22٪، وهي نسبة أقل من المعدل الطبيعي. هذا العجز أثر بشكل سلبي على زراعة المحاصيل الخريفية وأدى إلى تأخر في نمو النباتات، خاصة في المراحل الحرجة من دورة المحاصيل مثل الحبوب. وساهمت أيضا درجات الحرارة المرتفعة- غير المعتادة- في زيادة تعقيد الوضع، ما أدى إلى تدهور حالة المراعي وتضرر الإنتاج الزراعي.
-الأحداث المناخية المتطرفة في 2023
عرف المغرب أكثر من 20 حدثا مناخيا متطرفا خلال طيلة سنة2023. وتضمنت هذه الظواهر موجات حر شديدة، عواصف رعدية كثيفة، تساقط ثلوج، ورياح قوية. أما موجة الحر الغير معتادة التي عرفتها نهاية أبريل، فأثرت على مناطق واسعة من جنوب وغرب أوروبا وشمال إفريقيا، وكانت مصحوبة بدرجات حرارة مرتفعة للغاية. وعلى الرغم من الجفاف السائد في معظم فترات السنة، شهدت بعض المناطق مثل الأطلس الكبير والأطلس الصغير تساقطات ثلجية استثنائية في فبراير، حيث بلغ ارتفاع الثلوج في بعض الأماكن مترين. وتسببت هذه الظروف في عزل بعض القرى واضطرت السلطات إلى التدخل لفتح الطرق وتقديم المساعدات للسكان المتضررين.
-التقلبات المناخية العالمية وتأثيرها على المغرب
يتأثر المناخ المغربي بالتقلبات المناخية العالمية، وخاصة تذبذب شمال الأطلسي ( هو تغير شبه دوري في شدة مركزي الضغط شبه الدائمين: مرتفع الضغط الجوي فوق الآصور ومنخفض الضغط الجوي بين گريلاندا وآيسلندا) وظاهرة النينيو. ففي السنة الماضية، كانت هناك مرحلة إيجابية من تذبذب شمال الأطلسي خلال أشهر الشتاء، ما أدى إلى جفاف في المناطق الشمالية الغربية. كما لوحظ انتقال إلى مرحلة النينيو الدافئة بدءا من يونيو 2023، بعد ثلاث سنوات متتالية من ظاهرة لانينيا الباردة، التي كانت مرتبطة بفترات جفاف شديدة في المغرب.
-الكوارث المرتبطة بالطقس المتطرف
خلفت الظروف المناخية المتطرفة خلال 2023 تأثيرات واسعة النطاق، شهدت فيها المملكة موجات حر قياسية في عدة مناطق، حيث تم تحطيم العديد من الأرقام القياسية لدرجات الحرارة اليومية. فعلى سبيل المثال، سجلت مدن مثل سمارة وإفران وأگادير درجات حرارة قياسية، مما يزيد من التحديات التي تواجه الزراعة وإمدادات المياه في البلاد. كما تسببت عواصف الرياح الشديدة والعواصف الرملية في أضرار كبيرة، خاصة في 22 أكتوبر 2023، حيث أثرت العاصفة على مناطق عديدة وتسببت في حوادث مرورية وتعطيل حركة الملاحة الجوية.
-تأثير تغير المناخ على الغابات والحرائق
عانت الغابات المغربية من حرائق واسعة النطاق خلال السنة الفارطة، خاصة في المناطق الشمالية والشرقية ببلوغ إجمالي المساحات المحترقة أكثر من 6400 هكتار، حيث كانت منطقة الشرق الأكثر تضررا ب 2552 هكتارا من الغابات المحترقة. وساهمت الظروف الجوية الجافة ودرجات الحرارة المرتفعة في تفاقم خطر الحرائق، مما دفع السلطات إلى اتخاذ إجراءات طارئة لمكافحة النيران ومنع انتشارها.
-التوصيات والاستجابة لتغير المناخ
في مواجهة هذه التحديات المناخية المتزايدة، تبذل السلطات المغربية جهودا لتعزيز قدرات التكيف مع تغير المناخ، و تم تطوير نظم جديدة للتنبؤ الموسمي بهدف تحسين الاستعداد للظواهر المناخية المتطرفة وتقليل المخاطر المرتبطة بها. كما تسعى البلاد إلى تحسين إدارة الموارد المائية ومواجهة ندرة المياه من خلال تعزيز البنية التحتية للري والحفاظ على الأراضي الزراعية، في ظل الجفاف المستمر.
باختصار، يعكس تقرير المديرية العامة للأرصاد الجوية في المغرب لسنة 2023 واقعا مقلقا بشأن تأثيرات تغير المناخ على البلاد. فمع استمرار ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار، سيظل التكيف مع هذه التغيرات المناخية تحديا كبيرا للمغرب في السنوات المقبلة.