وفقا لبيانات جديدة نشرت في مجلة The Lancet، يوم أمس، بمناسبة اليوم العالمي للسكري 2024، تجاوز عدد البالغين المصابين بداء السكري في العالم 800 مليون شخص، وهو ما يزيد عن أربعة أضعاف ما كان عليه في عام 1990. وأظهرت التحليلات التي أجرتها مجموعة التعاون لمخاطر الأمراض غير المعدية، بدعم من منظمة الصحة العالمية، حجم مرض السكري والحاجة الملحة لتحرك عالمي أقوى لمواجهة الزيادة في معدلات المرض واتساع الفجوات في العلاج، لا سيما في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وصرح تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، قائلا: “لقد شهدنا زيادة مقلقة في السكري خلال العقود الثلاثة الماضية، والتي تعكس ارتفاع معدلات السمنة، وتتفاقم بفعل آثار تسويق الأطعمة غير الصحية، ونقص النشاط البدني، والتحديات الاقتصادية”. وأضاف:”لمواجهة الوباء العالمي للسكري، يتعين على الدول التحرك بشكل عاجل، بدءامن اعتماد سياسات تدعم الأكل الصحي والنشاط البدني، والأهم من ذلك، أنظمة صحية تضمن الوقاية، والكشف المبكر، والعلاج”.
وتظهر الدراسة* أن نسبة انتشار السكري بين البالغين عالميا ارتفعت من 7% إلى 14% بين 1990 و2022. وقد شهدت البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل أعلى معدلات الزيادة، حيث ارتفعت نسب الإصابة بالسكري بشكل كبير في ظل محدودية الوصول إلى العلاج. وقد أدت هذه الظاهرة إلى خلق تفاوتات كبيرة على الصعيد العالمي؛ ففي عام 2022، لم يتلق نحو 450 مليون بالغ من المصابين بالسكري، والذين يبلغون من العمر 30 سنة فأكثر، علاجا للسكري، وهو ما يمثل 59% من إجمالي المصابين. كما أن 90% من هؤلاء البالغين غير المعالجين يعيشون في دول ذات دخل منخفض أو متوسط.
كما تسلط الدراسة الضوء على فروق كبيرة في معدلات السكري عالميا؛ حيث بلغت نسبة الإصابة بين البالغين (18 سنة فأكثر) حوالي 20% في منطقتي جنوب شرق آسيا وشرق المتوسط التابعتين لمنظمة الصحة العالمية. وتعتبر هاتان المنطقتان، بالإضافة إلى المنطقة الإفريقية، من بين المناطق التي تعاني من أدنى معدلات تغطية لعلاج السكري، حيث أن أقل من أربعة من كل عشرة بالغين مصابين بالسكري يستخدمون أدوية لتخفيض مستويات السكر في الدم.
لمواجهة العبء المتزايد للسكري، أطلقت منظمة الصحة العالمية إطارا عالميا جديدا لمراقبة السكري. ويعد هذا الإطار خطوة مهمة في الاستجابة العالمية، حيث يقدم توجيهات شاملة للبلدان حول كيفية قياس وتقييم الوقاية من السكري، والعناية بالمصابين، ونتائج المرض وتأثيراته. من خلال تتبع مؤشرات رئيسية مثل التحكم في مستويات السكر في الدم، وارتفاع ضغط الدم، والوصول إلى الأدوية الأساسية، يمكن للدول تحسين تدخلاتها المستهدفة ومبادراتها السياسية. وتتيح هذه المنهجية الموحدة للدول أولوية تخصيص الموارد بشكل فعال، مما يساهم في تحسين الوقاية والرعاية المتعلقة بالسكري.
كماأطلق الميثاق العالمي بشأن السكري من قبل منظمة الصحة العالمية في 2021، بهدف الحد من مخاطر السكري وضمان حصول جميع المصابين بالمرض على علاج ورعاية عادلة، شاملة، وميسورة التكلفة، وعالية الجودة. وتشمل الجهود المبذولة ضمن هذا الميثاق دعم الوقاية من النوع الثاني من السكري، الناتج عن السمنة، وسوء التغذية، وقلة النشاط البدني. في نفس العام، اعتمدت جمعية الصحة العالمية قرارا بشأن السكري، يحث الدول الأعضاء على إعطاء الأولوية للوقاية من السكري، وتشخيصه، والسيطرة عليه، وكذلك الوقاية وإدارة عوامل الخطر المرتبطة به مثل السمنة.
وفي 2022، حددت منظمة الصحة العالمية خمسة أهداف عالمية لتغطية السكري، تستهدف تحقيقها بحلول 2030. ويتمثل أحد هذه الأهداف في ضمان أن 80% من المصابين بالسكري يحققون تحكما جيدا في مستويات السكر في الدم. وتشير الإحصاءات المنشورة اليوم إلى مدى الحاجة الملحة إلى اتخاذ تدابير لتعزيز الجهود الرامية إلى سد هذه الفجوة.
وتتيح سنة 2025 فرصة مهمة لتحفيز العمل ضد الارتفاع المثير للقلق في مرض السكري في جميع أنحاء العالم، حيث سيعقد الاجتماع الرابع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها في شتنبر. يجمع هذا الاجتماع بين رؤساء الدول والحكومات لتحديد رؤية قوية للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها، بما في ذلك داء السكري، من خلال التزام جماعي بمعالجة الأسباب الجذرية وتحسين فرص الحصول على الفحص والعلاج. من خلال مواءمة الجهود مع أهداف 2030 و2050، يعد هذا الاجتماع الرفيع المستوى لحظة محورية لتعزيز النظم الصحية العالمية، بما في ذلك الرعاية الصحية الأولية، ووقف انتشار وباء السكري.
___________________
*أجريت الدراسة من قبل جمعية التعاون في مجال عوامل خطر الأمراض غير المعدية (NCD-RisC)، وهي شبكة عالمية تضم أكثر من 1500 باحث وممارس، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. وهي أول تحليل عالمي لاتجاهات معدلات الإصابة بالسكري والتغطية العلاجية لمرض السكري، استنادًا إلى بيانات أكثر من 140 مليون شخص في سن 18 سنة أو أكثر، شملت أكثر من 1000 دراسة للسكان في جميع البلدان. واستخدمت الدراسة منهجية محدثة لقياس معدل انتشار مرض السكري بين السكان من الدراسات السابقة لتقديم صورة أكثر دقة عن وباء السكري العالمي.