تستعد مدينة طانطان لاحتضان المنتدى الوطني حول “الإدماج التضامني لتعاونيات الصيد البحري وتربية الأحياء البحرية في نسيج الصناعات السمكية بالمغرب”، وذلك يومي 28 و29 ماي 2025، في إطار فعاليات النسخة الجديدة من مبادرة مؤسسة المغرب الأزرق Maroc Bleu، التي تسعى إلى ترسيخ الاقتصاد الأزرق كمحرك للتنمية المستدامة وتعزيز مكانة الفاعلين الصغار ضمن سلاسل الإنتاج.
يراهن المنتدى على فتح نقاش عميق حول واقع وآفاق تعاونيات الصيد البحري التقليدي وتربية الأحياء البحرية صغيرة النطاق، التي تمثل مكونا اجتماعيا واقتصاديا حيويا في المجتمعات الساحلية المغربية والإفريقية، والتي تتقاسم تحديات كبرى مع نظيراتها عبر العالم، خاصة في ظل التغيرات المناخية وتقلبات السوق.
تعيش هذه المجتمعات تحت ضغط مستمر بفعل هشاشتها أمام تقلبات الطقس وارتفاع تكاليف الإنتاج وصعوبة الوصول إلى الموارد البحرية، مما ينعكس سلبا على استقرارها الاقتصادي والاجتماعي، ويضاعف من معاناتها في ظل منافسة قوية من قطاع الصيد الصناعي واسع النطاق.
ورغم المبادرات المحلية والدولية، وعلى رأسها إعلان منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) سنة 2022 سنة دولية للصيد التقليدي وتربية الأحياء المائية صغيرة النطاق، إلا أن التحديات تزداد تعقيدا، وهو ما يستدعي تظافر الجهود لإيجاد حلول واقعية ومستدامة.
وفي المغرب، قطعت السلطات العمومية أشواطا مهمة منذ أكثر من عشرين سنة في مسار تنظيم مجتمعات الصيد التقليدي، عبر دعم تأسيس تعاونيات مهنية وتضامنية تهدف إلى تقوية قدراتها التفاوضية وتحسين اندماجها الاقتصادي، حيث يتجاوز عدد التعاونيات اليوم المئات على الصعيد الوطني.
غير أن محدودية البرامج الداعمة، وتقلب السياقات الاقتصادية والبيئية، تظل عائقا أمام هذه الكيانات التي تكافح يوميا من أجل ضمان استمرارية نشاطها ومواجهة صعوبات التمويل والتسويق والتجهيز.
ومن أجل تجاوز هذه المعيقات، بادرت كل من “مؤسسة المغرب الأزرق” و”الجامعة الوطنية للصناعات السمكية بالمغرب” إلى إطلاق مبادرة الإدماج التضامني، التي تسعى لربط التعاونيات بشبكات الإنتاج الصناعي، وتيسير ولوجها إلى الأسواق والتكنولوجيا وفرص التمويل، بما يضمن ترقية اقتصادية واجتماعية عادلة ومستدامة.
وتطمح هذه المبادرة إلى أن تشكل نموذجا يحتذى به في التمكين الاقتصادي والاجتماعي لمجتمعات الصيد التقليدي، معززة روح التضامن الوطني، ومساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة فيما يخص محاربة الهشاشة وتحقيق الأمن الغذائي والاقتصادي على مستوى المناطق الساحلية.