كيف تساهم ثورة الحمض النووي البيئي في فهم وحماية المحيطات؟

ECO1712 ديسمبر 2024
كيف تساهم ثورة الحمض النووي البيئي في فهم وحماية المحيطات؟
إيمان بنسعيد

تواجه المحيطات، اليوم، تحديات غير مسبوقة نتيجة التغيرات المناخية والنشاط البشري المفرط؛ فمع ازدياد الحاجة لفهم الحياة البحرية، برزت تقنية الحمض النووي البيئي (eDNA) كأداة ثورية لتوثيق التنوع البيولوجي، حيث تمثل هذه التقنية تطورا علميا يفتح آفاقا جديدة أمام دراسة المحيطات وحماية الكائنات التي تعيش فيها. فكيف يمكن لهذه الأداة أن تغير طريقة تعاملنا مع النظم البيئية البحرية؟

الحمض النووي يكشف أسرار المحيطات
أطلقت اليونسكو مشروعا رائدا استخدم تقنية الحمض النووي البيئي على نطاق واسع في 21 منطقة بحرية محمية، حيث أسفر هذا المشروع عن توثيق حوالي 4,500 نوع بحري خلال ثلاث سنوات فقط، وهو ما يعد إنجازا غير مسبوق مقارنة بالإجراءات التقليدية التي تستغرق ما بين خمس إلى عشر سنوات.

كما استخرج العلماء الحمض النووي المتبقي في مياه البحر من عينات لا تزيد عن 1.5 لتر، ما مكنهم من تحديد الأنواع البحرية دون الحاجة لرؤيتها مباشرة، بما في ذلك 2,000 نوع من الأسماك، وأنواع أخرى مثل الفقمات، والسلاحف، وأكثر من 80 نوعا من أسماك القرش.

حماية الأنواع المهددة

ساعدت التقنية على تحديد 120 نوعا مدرجا في القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض، فمن خلال هذه البيانات، يمكن للعلماء مراقبة تحركات الأنواع المهددة، خصوصا مع تأثيرات الاحتباس الحراري الذي يدفع العديد منها للهجرة نحو مناطق أكثر برودة.

وتوفر هذه المعلومات فرصة لإدارة البيئات البحرية بشكل أكثر فاعلية، مما يعزز الجهود الدولية لحماية 30% من المحيطات بحلول سنة 2030.

مزايا غير مسبوقة

تتميز تقنية الحمض النووي البيئي بانخفاض تكلفتها وسهولة تطبيقها، حيث تبلغ تكلفة مجموعة جمع العينات حوالي 25 يورو فقط، ويمكن تدريب المجتمعات المحلية على استخدامها، وعلاوة على ذلك، تعتبر هذه الطريقة غير جائرة ولا تسبب أي إزعاج للكائنات البحرية، مما يجعلها خيارا مثاليا لدراسة الحياة البحرية دون الإضرار بها.

التغير المناخي على المحك

فرض الاحتباس الحراري واقعا جديدا على الكائنات البحرية، حيث من المتوقع أن تعيش نصف الأنواع السمكية في مياه شديدة الحرارة بحلول نهاية القرن إذا لم تتحرك نحو مناطق أخرى. هنا تبرز أهمية هذه التقنية في تقديم صورة دقيقة عن المواطن البحرية المتغيرة ودورها في إعداد استراتيجيات أكثر كفاءة للتكيف مع هذا التحدي.

إن تقنية الحمض النووي البيئي ليست مجرد أداة علمية؛ بل هي مفتاح لفهم أسرار المحيطات وحماية الحياة البحرية من الأخطار المحدقة بها. فهل يمكن لهذه التقنية أن تمثل الحل المنشود لتحقيق التوازن بين الإنسان والطبيعة؟ مع استمرار تطويرها، تبدو الإجابة واعدة، وتفتح آفاقا جديدة نحو مستقبل أكثر استدامة للمحيطات والكوكب بأسره.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق