ألقى نزار بركة، وزير التجهيز والماء، عرضا ضمن الندوة التي شارك فيها بمدرسة الحقوق للجامعة الدولية للرباط، تحت عنوان “التحولات الكبرى في السياسة المائية بالمغرب لمواجهة التغيرات المناخية“.
وكشف المسؤول الوزاري عن آثار التغير المناخي، الذي أدى إلى بلوغ درجات الحرارة بالمغرب +1.8 درجة، لتتجاوز بذلك حاجز 1.5 درجة مئوية المتفق عليها في اتفاق باريس، مما يساهم في تبخر ما يصل إلى 1.5 مليون متر مكعب يوميا بالمغرب، في ظل استمرار الجفاف للسنة السابعة على التوالي، مشيرا إلى أن الأمر أدى لتراجع الموارد المائية وكذا استنزاف الفرشة المائية.
وأبرز بركة التراجع المقلق في حصة الفرد من المياه، حيث يرتقب أن تتراجع لحوالي 540 متر مكعب بحلول سنة 2040، بعد ما كانت تصل لـ 2600 متر مكعب سنويا خلال ستينات القرن الماضي.
وتأسف المتحدث عن تراجع نسبة ملء سد المسيرة -ثاني أكبر سدود المغرب- في السنوات لـ 10 الأخيرة فقط، من 100% إلى 1% فقط، بسبب التراجع الحاد في التساقطات المطرية، ما عجل في إحداث عدد هام من مشاريع السدود التلية والصغرى والكبرى، والتي كان الهدف منها أساسا حماية الساكنة من توالي آثار الجفاف وتهديد الفيضانات.
واستعرض نزار بركة حصيلة مجموع مشاريع المنشآت المائية، بحيث تتوفر المملكة على 154 سد كبير، 150 سد صغير ومتوسط، إلى جانب إحداث 16 محطة لتحلية مياه البحر بقدرة إنتاج تبلغ 277 مليون متر مكعب، فضلا عن 17 منشأة لتحويل المياه بين الأحواض، إضافة إلى مشاريع تحويل فائض المياه عبر الربط بين الأحواض المائية، من خلال تحويل المياه من حوض سبو إلى أبي رقراق، والعمل جار على الربط بين حوض لو واللوكوس وسبو وكذا أبي رقراق وأم الربيع، لنقل مليار و200 مليون متر مكعب سنويا نحو سد المسيرة.
وقدم بركة خارطة الطريق لمواجهة الإجهاد المائي بالمغرب، تماشيا مع التعليمات الملكية السامية، والتي تقوم على ضمان توفير الماء الصالح للشرب لجميع المواطنين وتوفير 80% على الأقل من احتياجات مياه السقي، مع إعطاء أهمية خاصة للاستعمال المعقلن للمياه الجوفية، وحماية الفرشة المائية، إضافة إلى ترسيخ سياسة تواصلية قوامها الشفافية والانتظام في إبلاغ المعلومة بخصوص الوضعية المائية للمواطنات والمواطنين.
وأضاف وزير التجهيز والماء أن السياسة المائية لبلادنا تعرف 4 تحولات محورية، تتمثل في سياسة تنمية الموارد المائية الاعتيادية إلى السياسة المندمجة لتنمية الموارد المائية غير الاعتيادية، والتحول الثاني يهم تدبير الطلب على الماء بدلا من تنمية العرض المائي، فيما التحول الثالث يعنى بتدبير الموارد المائية على المدى البعيد، بدلا من الاكتفاء بتدبيرها على المدى القصير، والتحول الرابع يكمن في الانتقال من تضامن البوادي مع المدن لتوفير الماء إلى تضامن المدن مع البوادي لتحقيق العدالة المجالية.
وأتم الوزير عرضه بضرورة حرص الوزارة على بعد الاستدامة في مشاريعها، منوها بمشاريع محطات تحلية مياه البحر التي تخضع لدراسات دقيقة ومعمقة، وإمكانية العمل على تعميم إقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية بمختلف السدود، عبر ألواح شمسية عائمة، على غرار سد طنجة المتوسط، من جهة من أجل إنتاج الطاقة النظيفة، ومن جهة أخرى من أجل التخفيف من حدة تبخر مياه السدود.
وشدد نزار بركة على ضرورة تغيير سلوكنا اتجاه الماء، وتبني الممارسات المثلى للحفاظ على هذا المورد الحيوي، باعتباره ملكا مشتركا، مع الانخراط في إطلاق مبادرات خلاقة لإذكاء الوعي بين العموم بالتحديات التي يطرحها التغير المناخي.
يذكر أن سنة 2024 عرفت ارتفاعا طفيفا في نسبة ملء حقينة السدود، والتي انتقلت من 23.3% إلى 27.7%، بفضل التساقطات المطرية التي عرفتها المناطق الشرقية لبلادنا.