ترامب2..ترقب عالمي حذر تجاه قضايا الطاقة والمناخ !!

ECO177 نوفمبر 2024
ترامب2..ترقب عالمي حذر تجاه قضايا الطاقة والمناخ !!
عبد العالي الطاهري -خبير في البيئة

حتى اللحظات الأخيرة من أنفاس الانتخابات الرئاسية الأمريكية للعام 2024، ظلَّ الترقب والتكهن وكذا طرح التحليلات التي ترافق هذا الحدث الأمريكي والعالمي الهام سيد الموقف، وهو الحدث الذي يؤثر بشكل مباشر في العديد من الملفات الشائكة على المستويين المحلي (الأمريكي) والدولي، ليكون أحد أهم هذه القضايا المفصلية، طبيعة ومقتضيات الرؤية والتوجه الذي سيحكم سياسة الرئيس ال 47 للولايات المتحدة الأمريكية للشأن المناخي والطاقي والبيئي، خلال الولاية الرئاسية القادمة..!!

خلال فترة ولايته الأولى، انسحب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، وهي الاتفاقية التي تم توقيعها العام 2015 والتي اعتُبرت الأكثر إلزاما للدول ال 192 التي وقعت عليها، كما قلَّل من شأن مخاطر تغير المناخ وحتى وجوده، ووعد بإتاحة مزيد من الأراضي للحفر.

كما أعرب الرئيس الأمريكي السابق/الحالي للولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، عن شكوكه بشأن المركبات الكهربائية، وقال إن الحوافز الحكومية للسيارات الكهربائية قد تجف في فترة ولاية ترامب الثانية.

ترامب2..الترقب العالمي سيد الموقف

الآن وبعد فوز المرشح الجمهوري ترامب، ستشهد واشنطن، على الأرجح، عودة إلى السياسات التي تفضل إلغاء كافة القيود التنظيمية على إنتاج الغاز الطبيعي والنفط والفحم. وسوف يترتب على ذلك، في المدى القريب، زيادة الإنتاج الأمريكي من مصادر الطاقة المحلية (الأحفورية)، وربما أيضا تخفيض تكاليف الطاقة على المستهلكين الأمريكيين، وبالتالي تراجع الضغوط التضخمية الهائلة التي أصبح يعاني منها المواطنون الأمريكيون. كذلك سوف تحافظ الولايات المتحدة، في الغالب، على مكانتها باعتبارها أكبر منتج للنفط في العالم، ومصدرًا صافيًا مهما للنفط والغاز الطبيعي، مع تعزيز استقلالها في مجال الطاقة.

ولكن هذا المسار، سوف يؤخر، بالتأكيد، من التحول الأمريكي إلى مصادر الطاقة المتجددة. كما أنه، في الغالب، سوف يقوض أيضا من القدرة التنافسية للشركات الأمريكية في سوق الطاقة الخضراء العالمية، وبالتالي التأخر عن ركب الطاقة المستدامة، حسب الوارد في مخرجات وتقارير القمم المناخية العالمية (الCOP).

وفي المدى البعيد، قد يعيق مثل هذا المسار “الترامبي” أيضا من قدرة الولايات المتحدة، وهي من أكثر الدول انبعاثا لغاز ثاني أكسيد الكربون المتسبب في أرتفاع درجة حرارة الأرض، على الوفاء بالتزاماتها الدولية بشأن  تغير المناخ العالمي، وبالتالي تعريض الجهود العالمية في هذا الخصوص للخطر.

وفي ظل هذه الأوضاع، من المتوقع أن “تتصدع” العلاقات الأمريكية-الأوروبية، خاصة فيما يتعلق بالعمل المناخي العالمي. إلى ذلك، يشار في هذا السياق، إلى أن قرار ترامب السابق بالانسحاب الأمريكي من اتفاقية باريس لمواجهة تغير المناخ في عام 2017 أدى إلى “عزل” واشنطن عن الجهود المناخية الدولية. وكانت هذه العزلة عَقبة كبيرة أمام تحقيق التقدم “الملموس” في مواجهة تغير المناخ العالمي، حيث كانت الدول الأخرى المسببة للانبعاثات تتخذ من انسحاب الولايات المتحدة “ذريعة” لعدم الوفاء بالتزاماتها الدولية الرامية إلى خفض الانبعاثات الكربونية المسببة بشكل مباشر في ظاهرة الاحتباس الحراري.

وعلى العكس من ذلك، كان من المرجح أن تحفز رئاسة هاريس للولايات المتحدة في الأربع سنوات المقبلة “تحولا كبيرا” نحو الطاقة المتجددة في الولايات المتحدة وفي العالم، خاصة وأن سياساتها الحالية، والمستقبلية، حملت إشارات دامغة قادرة على “ضخ” استثمارات كبيرة في مشروعات وتقنيات الطاقة النظيفة ونُظم الاقتصاد الأخضر المستدام بشكل عام.

وفي تصريح إعلامي أعقب الإعلان عن فوز دونالد ترامب بالرئاسيات الأمريكية، أعرب الخبير الدولي في شؤون المناخ، أنتوني أباتي، عن مخاوفه بشأن العودة عن التنظيمات المتعلقة بالتلوث وإلغائها وتشجيع زيادة الاستثمارات في التنقيب عن النفط، معتبرا أن هذا سيكون “التحول السياسي الأهم”.

وقال: “لا أعتقد أن هذه السياسة ستحسن من وضعنا، وأرى أنها أفكار سيئة لأنها ستؤثر على أعداد ضحايا الكوارث الطبيعية التي تأتي نتيجة للتغيرات المناخية”.

وبالنظر إلى مقترحات ترامب، أشار أباتي إلى أن “كثيرا من هذه الضوابط أو التنظيمات وضعتها إدارات جمهورية مع ريتشارد نكسون وجورج بوش، لأننا كنا نعاني من آثار التلوث الذي يتأتى عن الوقود الأحفوري، أما أن نتراجع عنها الآن، مع التغير المناخي وتأثيراته فسيكون هذا الأمر سيئا جدا”.

انتخاب ترامب..الإنتكاسة المناخية !

من السهل أن نتصور كيف سيؤثر انتخاب دونالد ترامب لولاية ثانية سلبا على المناخ العالمي- ليس فقط على المناخ السياسي. فخلال ولايته الأولى، أُلغٍي أكثر من 125 قانونا وسياسة أمريكية  تصب في معالجة قضايا البيئة والشأن المناخي. كما انَّ عودة ترامب إلى البيت الأبيض ستفاقم المشاكل المتعلقة بالبيئة والصحة العامة، وسيكون من الصعب الحد من الضرر الناجم عن ذلك.

ومع ذلك، فإن الثورة التكنولوجية وقوى السوق الأساسية التي تدفع قُدمًا بعملية التحول إلى الاقتصاد المنخفض الكربون تتمتع بالحصانة من هذه السياسة المتقلبة. إذ من المحتمل أن يُؤخر ترامب الاستثمارات النظيفة، وقد شرع في ذلك بالفعل- وأي عائق من هذا القبيل أمر سيئ. ولكن تأخير ما لا مفر منه هي سياسته الوحيدة.

الأكيد أنه لكل انتخابات عواقب معينة ومحددة في الزمان والمجال، إذ يقول تحليل أجرته لجنة “لانسيت” بخصوص السياسات العامة والصحة في ظل حُكم ترامب، أن السياسات البيئية لإدارة ترامب أدت إلى حدوث “أكثر من 22 ألف حالة وفاة إضافية في عام 2019″، أغلبها راجع لتفاقم تلوث الهواء على المستوى المحلي. وفيما يتعلق بإجمالي الضرر الذي لحق بالمناخ، أفادت تقديرات مجموعة “روديوم” في عام 2020 أنه “في ظل غياب سياسة فيدرالية جديدة، فإن سياسة تأجيل المشاريع التي يعتمدها ترامب ستؤدي إلى زيادة تراكمية في الانبعاثات الأمريكية بمقدار 1.8 جيغا طن وستستمر حتى العام 2035”.

في ذات الإطار، ومن حسن الحظ، أن وضع سياسات مناخية أقوى كان أولوية كبرى لخليفة ترامب. إذ لم يكتفِ الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن، بإلغاء العديد من سياسات تأخير المشاريع البيئية التي وضعها ترامب؛ بل حرص أيضا على سن العديد من القوانين الجديدة. إذ يحشد قانون البنية التحتية الصادر عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي لعام 2021، وقانون الرقائق والعلوم  لعام 2022، وقانون خفض التضخم  لعام 2022، تريليونات الدولارات في هيئة استثمارات فيدرالية جديدة، وقروض، وإعفاءات ضريبية، وغير ذلك من التدابير اللازمة للتصدي لآثار التغيرات المناخية.

وقد تبين أن إعانات الدعم الفيدرالية للطاقة النظيفة حظيت بقبول أوسع نطاقا مما كان متوقعا. فقد ضاعف مكتب الميزانية في الكونغرس تقديراته الأولية بخصوص التأثير المالي لقانون خفض التضخم (من أقل من 400 مليار دولار إلى نحو 800 مليار دولار) على مدى العقد المقبل. ويعود أكثر من نصف النفقات الإضافية البالغة قيمتها 428 مليار دولار إلى الإعفاءات الضريبية على السيارات الكهربائية التي تحظى بترحيب واسع النطاق. وتعود باقي النفقات إلى إعفاءات ضريبية أخرى من نوع آخر، مثل تلك التي تخص مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، وإزالة الكربون.

وربما لا تزال هذه التقديرات متحفظة، إذ تشير تقديرات أبحاث “غولدمان ساكس” إلى أن قانون خفض التضخم سوف يوفر ما قيمته 1.2 تريليون دولار من الإعانات الفيدرالية بحلول عام 2032، وهو ما من شأنه أن يحفز 2.9 تريليون دولار من الاستثمارات التراكمية على مدى العقد نفسه، ونحو 11 تريليون دولار بحلول عام 2050. وسوف يوجَّه أكثر من نصف هذا الإنفاق نحو الطاقة المتجددة (باستثناء الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية)، اللتين يتوقع محللو بنك “غولدمان” أن تنموا بنحو 9 في المئة سنويًا من الآن حتى منتصف القرن.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق