شكلت حماية البيئة محور نقاش جاد خلال اليوم الدراسي الذي نظمه المعهد العالي للقضاء اليوم الأربعاء بالرباط، حيث أكد المشاركون على الدور المحوري للقضاء في ترسيخ مبدأ المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية. جاء هذا اللقاء في وقت تشهد فيه المملكة تحولات بيئية كبيرة تفرض إعادة النظر في آليات الحماية القانونية.
أبرز عبد الحنين التوزاني، المدير العام للمعهد، أن المسؤولية المدنية تمثل ركيزة أساسية في المنظومة القانونية البيئية، مشيرا إلى ضرورة تعزيز تكوين القضاة لمواكبة تعقيدات هذا المجال. وأوضح أن التحدي الحقيقي لا يتمثل في غياب النصوص القانونية، بل في صعوبات الإثبات وربط الأضرار بأصحابها، خاصة في القضايا ذات البعد التراكمي.
ومن جهته، شدد رشيد حوبابي، رئيس قطب التكوين المستمر، على أن القضايا البيئية لم تعد مجرد منازعات تقليدية، بل تحولت إلى اختبار حقيقي لفعالية المنظومة القضائية. وأكد أن تحقيق العدالة البيئية يتطلب فهما عميقا للتفاعلات بين الأنشطة الاقتصادية والأنظمة البيئية، معتبرا أن التكوين القضائي يجب أن يتجاوز الجانب النظري ليشمل تطوير آليات عملية لتقييم الأضرار.
تناول المشاركون خلال الجلسات العلمية إشكالات متعددة، بدءا من صعوبات إثبات الضرر البيئي وصولا إلى تحديات تقدير التعويضات، مرورا بدراسة التجارب الدولية في هذا المجال. وأجمعوا على أن ضمان فعالية العدالة البيئية يقتضي تطوير شراكة حقيقية بين القضاء والمختصين في العلوم البيئية، مع تبني مقاربات استباقية تمنع وقوع الأضرار قبل البحث عن علاجها.
يأتي هذا اللقاء في سياق متنام من الاهتمام بالقضايا البيئية على المستوى الوطني، حيث تشير الإحصائيات إلى تزايد المنازعات المرتبطة بالتلوث والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية. ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن المنظومة القضائية من تطوير آليات رادعة وفعالة تكفل تحقيق التوازن بين متطلبات التنمية وضرورات الحفاظ على البيئة للأجيال القامة؟
