جامعيون وخبراء يستعرضون بالراشيدية أهمية “تدبير الماء في عهد الدولة العلوية الشريفة”  

ECO1725 نوفمبر 2024
جامعيون وخبراء يستعرضون بالراشيدية أهمية “تدبير الماء في عهد الدولة العلوية الشريفة”  
الراشيدية : إسماعيل أيت احماد

استعرض المشاركون في فعاليات الدورة السابعة والعشرين لجامعة مولاي علي الشريف، نهاية الأسبوع المنصرم، قضايا الماء في الواحات المغربية، مع تسليط الضوء على العديد من الجوانب المتعلقة بتدبير الموارد المائية في منطقة تافيلالت، ودور المخزن العلوي في إدارة الأزمات المائية، فضلا عن التراث المائي الثقافي والحرف المرتبطة بهذا المورد الحيوي، وتنظم هذه التظاهرة من طرف وزارة الشباب والثقافة والتواصل، قطاع الثقافة تحت الرعاية الملكية السامية السامية  حول موضوع” تدبير الماء في عهد الدولة العلوية الشريفة” بالمركز الثقافي الريصاني. تحت إشراف وحضور كل من وزير الشباب والثقافة والتواصل ، والي جهة درعة تافيلالت ،رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت،رئيس مجلس جماعة مولاي علي الشريف.

وخلال مداخلته، أكد مبارك الطايعي، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن البنيات الهيدروفلاحية في تافيلالت تطورت عبر التاريخ نتيجة لتدخلات متتالية، منذ تأسيس سجلماسة في القرن الثامن الميلادي.

ومن جهة أخرى، أوضحت خولة سويلم، أستاذة باحثة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة القاضي عياض بمراكش، أن المخزن العلوي لعب دورا محوريا في تدبير الأزمات المائية خلال القرن التاسع عشر، خاصة في ظل تقلبات المناخ المتكررة التي أدت إلى فترات طويلة من الجفاف والمجاعات.وتطرقت خولة سويلم إلى كيفية تدبير المخزن لأهمية الماء في استقرار المجتمع، حيث اتخذ مجموعة من الإجراءات قصد  تنظيم توزيع المياه وضمان استمرارية الإنتاج الزراعي، مضيفة أن هذه التدابير اعتمدت على تقنيات تقليدية مثل السواقي والخطارات، من أجل تحقيق استقرار اجتماعي واقتصادي في المناطق المتضررة.

وفي مداخلة أخرى، ركزت حنان حمودا، أستاذة الأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس الرباط، على البعد الثقافي والتراثي للماء في الواحات المغربية، مشيرة إلى أن الماء ليس مجرد مورد طبيعي؛ بل يشكل قيمة اجتماعية ورمزية عميقة مرتبطة بالهوية المحلية لسكان الواحات.

واستعرضت حمودا الأنظمة التقليدية لتدبير الندرة المائية، مثل الخطارات والسواقي، التي تعكس ديناميات اجتماعية قائمة على التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع الواحي، مؤكدة أنه رغم التحديات المناخية المتزايدة فإن هذه الأنظمة لا تزال جزءا لا يتجزأ من التراث المادي واللامادي لهذه المجتمعات، حيث تعتبر رمزا للتكيف مع الظروف البيئية الصعبة.

ومن جانبه، تناول امبارك بوعصب، أستاذ التعليم العالي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الرباط سلا القنيطرة، الحرف التقليدية المرتبطة بالماء في الواحات المغربية، مثل التنقيب عن المياه وحفر الآبار وتوزيعها عبر السواقي.

وأوضح المتدخل ذاته أن هذه الحرف، التي تطورت عبر الأجيال، تعكس تفاعل الإنسان مع بيئته القاسية، حيث أبدع تقنيات مبتكرة لاستخراج المياه الجوفية وتوزيعها بشكل عادل لضمان استفادة الجميع، مستعرضا بعضا من أهم هذه الحرف التي تشكل جزءا مهما من التراث المادي واللامادي للواحات وتعكس مهارة ومعرفة الإنسان الواحي في تدبير موارده المائية المحدودة.

وأكد المشاركون على أن استمرارية الحياة في الواحات المغربية، خاصة في منطقة تافيلالت، كانت ولا تزال تعتمد بشكل كبير على نظم مائية تقليدية مثل الخطارات والسواقي، مؤكدين أن هذه النظم ليست مجرد تقنيات للري؛ بل هي جزء من تراث ثقافي واجتماعي يعكس تفاعل الإنسان مع بيئته الطبيعية القاسية، مشيرين إلى أن تدخلات المخزن العلوي عبر التاريخ، إلى جانب جهود الدولة المغربية الحديثة، ساهمت في تحسين هذه النظم وضمان استدامتها؛ مما جعلها تلعب دورا محوريا في استمرارية الحياة الزراعية والاجتماعية في الواحات، ومع تصاعد التحديات البيئية والمناخية في الوقت الحالي، بات من الضروري إعادة النظر في هذه الأنظمة المائية التقليدية وتطويرها لمواجهة نقص الموارد المائية وندرتها المتزايدة.

وأكد المتدخلون أن الحفاظ على هذا التراث المائي والاهتمام به ليس مسألة تاريخية فقط؛ بل ضرورة ملحة في ظل التغيرات المناخية التي يشهدها العالم اليوم، والتي تؤثر بشكل مباشر على المناطق الهشة مثل الواحات.. وبالتالي، فإن إعادة إحياء الأنظمة التقليدية مثل الخطارات والسواقي، ودمجها مع التقنيات الحديثة، هو مسار حتمي لتحقيق التنمية المستدامة وضمان الأمن المائي في هذه المناطق.

كما شدد المتدخلون على أهمية التكامل بين الجهود الرسمية والمبادرات المحلية في إدارة الموارد المائية. فعلى مر التاريخ، كانت المجتمعات المحلية قادرة على إيجاد حلول مبتكرة للتكيف مع ندرة المياه عبر تقنيات تقليدية؛ ولكن اليوم، ومع التغيرات المناخية الحادة، فإن تدخلات الدولة أصبحت أكثر ضرورة لضمان استمرارية هذه الأنظمة وتطويرها بما يتماشى مع التحديات الراهنة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق