تأجيل النوم.. تعويض عن الضغوط أم خطر على الصحة؟

ECO174 فبراير 2025
تأجيل النوم.. تعويض عن الضغوط أم خطر على الصحة؟

يعود كثيرون إلى منازلهم بعد يوم طويل من العمل بحثا عن الراحة، لكنهم يؤجلون النوم دون سبب واضح، مترددين بين متعة الترفيه والاستسلام للنوم، يتحول الليل إلى وقت ثمين يختارون فيه استعادة السيطرة على أوقاتهم، في ظاهرة تعرف علميا باسم “تأجيل النوم الانتقامي”.

ويؤجل البعض النوم كنوع من التعويض عن يوم مرهق يفتقر إلى فترات الاستراحة، وهو سلوك انتشر مع المصطلح الصيني الذي يعكس إحباط العاملين لساعات طويلة دون وقت للترفيه، ويدفعهم ذلك إلى السهر لممارسة أنشطة لم يتمكنوا من القيام بها خلال النهار، رغم إدراكهم لتأثيره السلبي على صحتهم.

وظهر مصطلح “تأجيل النوم الانتقامي” لأول مرة في ورقة بحثية سنة 2014، واستخدمت الصين كلمة “الانتقام” لوصف سهر العاملين لساعات تصل إلى 12 يوميا كوسيلة وحيدة لاستعادة السيطرة على أوقاتهم الشخصية، وساهمت تغريدة للصحفية دافني ك. لي في شهرة المصطلح عالميا، حيث وصفته بأنه يحدث عندما “يرفض الأشخاص الذين لا يملكون سيطرة على حياتهم اليومية النوم مبكرا لاستعادة بعض الحرية خلال ساعات الليل”.

وتشير دراسات إلى أن الطلاب والنساء هم الأكثر عرضة لتأجيل النوم، إضافة إلى الأشخاص الذين يميلون إلى التسويف في حياتهم اليومية، وزادت هذه الظاهرة خلال جائحة كوفيد-19، إذ أدى العمل من المنزل وارتفاع الضغط النفسي إلى تمديد ساعات العمل وتقليص فترات الراحة، ما دفع الكثيرين إلى استغلال الليل للتعويض عن هذا النقص.

ويفسر الباحثون تفضيل البعض للسهر رغم إدراكهم أهمية النوم بعدة عوامل، منها طبيعة الشخص نفسه، إذ يميل البعض إلى النشاط الليلي في عالم يعتمد على الاستيقاظ المبكر، كما يلجأ آخرون إلى تأجيل النوم لتخفيف التوتر، فيما يعاني البعض من المماطلة بشكل عام، ما يدفعهم إلى تأخير جميع المهام، بما في ذلك النوم.

وتوضح كندرا شيري، الأخصائية في إعادة التأهيل النفسي، أن السهر لا يعني بالضرورة تأجيل النوم الانتقامي، لكن هناك ثلاث خصائص رئيسية تعرف هذه الظاهرة؛ حيث يؤدي تأخير النوم إلى تقليل إجمالي ساعات النوم خلال الليل أولا، وأن لا يكون التأخير ناتجا عن أسباب أخرى مثل المرض أو العوامل البيئية ثانيا، و أن يكون الشخص مدركا للعواقب السلبية للسهر، لكنه يختار الاستمرار فيه ثالثا.

وتختلف أسباب السهر من شخص لآخر. فالآباء، على سبيل المثال، قد يجدون أن فترة ما بعد نوم الأطفال هي الوقت الوحيد للإستمتاع بلحظاتهم الخاصة. أما العاملون بجداول مزدحمة، فقد يعتبرون مشاهدة المسلسلات أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة للإسترخاء، و في معظم الحالات، تكون الأنشطة غير مجهدة مثل التسوق الإلكتروني أو القراءة أو متابعة خدمات البث.

ويحتاج البالغون إلى 7-9 ساعات من النوم يوميا، بينما يحتاج الأطفال والمراهقون إلى أكثر من ذلك، ويؤدي الحرمان من النوم إلى مشكلات صحية عديدة، منها:

  • بطء التفكير وضعف الذاكرة والتركيز.
  • اتخاذ قرارات خاطئة وزيادة مستويات التوتر والقلق.
  • على المدى الطويل، يزيد السهر من خطر الإصابة بأمراض القلب، السكري، السمنة، ضعف الجهاز المناعي، والاضطرابات النفسية.

وللتغلب على تأجيل النوم، ينصح الخبراء باتباع استراتيجيات محددة، أهمها :

  • تقليل القيلولة النهارية وجعلها قصيرة (30 دقيقة أو أقل).
  • وضع روتين ليلي مريح مثل قراءة كتاب أو ممارسة تمارين استرخاء.
  • تجنب الوجبات الثقيلة قبل النوم وتقليل استهلاك الكافيين والتدخين.
  • الالتزام بجدول نوم منتظم حتى في عطلات نهاية الأسبوع.
  • تهيئة غرفة النوم بإضاءة خافتة ودرجة حرارة مريحة (19-21 درجة مئوية).

وإضافة لحظات ترفيه صغيرة خلال اليوم قد تقلل من الحاجة إلى السهر، مثل مشاهدة حلقة قصيرة من مسلسل خلال استراحة العمل أو ممارسة نشاط ممتع، إذا استمر تأجيل النوم رغم المحاولات، فقد يكون السبب مشكلة صحية تتطلب استشارة طبية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق