المغرب..أرقام تكشف عن ثروة طبيعية تواجه تحديات بيئية

ECO172 ديسمبر 2024
المغرب..أرقام تكشف عن ثروة طبيعية تواجه تحديات بيئية
إيمان بنسعيد

أصبحت المحافظة على البيئة منذ قمة الأرض بمدينة ريو، من بين الأولويات الاستراتيجية الدولية المصاحبة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، والذي كان التنوع البيولوجي من بين النقط الأساسية المطروحة ، والتي تمت مناقشتها خلال مؤتمر ريو مما أدى إلى التوصل لاتفاق ترجم بالمصادقة على الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي من طرف غالبية الدول ومن بينهم المغرب، فبمصادقة المغرب على الاتفاقية أكد على الأهمية القصوى التي يوليها لثروته الحية ولموارده البيولوجية سواء منها النظم الإيكولوجية أو الأصناف الحية، حيث تعتبر هذه الموارد الأعمدة الأساسية لكل تنمية اقتصادية واجتماعية، خاصة وأن المغرب يعد بلدا فلاحيا ويحتوي على واجهتين بحريتين تقدران ب 3500 كلم من السواحل، كما تشكل الفلاحة والغابات والموارد البحرية، القاعدة الأساسية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية للمملكة.

ووفقا لمؤشر الأداء البيئي لسنة 2024، المنشور في المنصة الرسمية لمؤشر الأداء البيئي، يواجه المغرب تحديات ملحوظة في مجال الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي، حيث احتل المرتبة 136 من أصل 180 دولة، محققا 51.84 نقطة، حيث يعكس هذا التصنيف تراجعا في عدة جوانب، مثل إدارة الأراضي والتهديدات التي تواجه التنوع البيولوجي، والقدرات والحكامة البيئية، ويعود هذا التراجع إلى عوامل متعددة تشمل التوسع العمراني، الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، وتغير المناخ، بالإضافة إلى محدودية تأثير السياسات الحالية.
وعلى الرغم من ذلك، بذل المغرب جهودا لتحسين الوضع البيئي من خلال إعداد التقارير الوطنية حول التنوع البيولوجي وتنفيذ استراتيجيات وطنية، إلا أن هذه الجهود لم تكن كافية لتحقيق تقدم ملموس في التصنيفات الدولية.

ولتحسين أدائه البيئي، يحتاج المغرب إلى تعزيز السياسات البيئية، ورفع الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي، وتفعيل القوانين المتعلقة بحماية البيئة بشكل أكثر صرامة. يعد هذا التحسين ضروريا لضمان استدامة الموارد الطبيعية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة في البلاد.

فالمغرب ينعم بتنوع تضاريسه ومناخه وأوساطه مما يجعله ثاني أغنى دول البحر الأبيض المتوسط من حيث التنوع البيولوجي بعد تركيا، حيث يتجاوز 30.000 نوع نباتي وحيواني، و20% من أنواعه النباتية مستوطنة بالمغرب دون غيره، فإذا قارناه بفرنسا|، نجد هذه الأخيرة لا تتعدى الأنواع المستوطنة بها 4%، ويشمل النظام النباتي المغربي على ما يقارب 7000 نوع صنفت منها 1350 كمستوطنة، كما تتميز المنظومة الحيوانية هي الأخرى بالغنى المتمثل في أزيد من 24.000 نوع.

وتنقسم المنظومات البيئية بالمغرب إلى: مناطق بحرية، مناطق ساحلية، مناطق رطبة، مناطق غابوية، ومناطق صحراوية.

ويعتبر الموقع الجغرافي للمغرب متميزا بين أوربا وإفريقيا وبين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، فضلا عن تاريخه البيولوجي والجيولوجي (مزيج وخليط من الوحيش الإثيوبي والأوروبي)، فالأحداث الجيولوجية والمناخية التي تعاقبت عليه صاغت منه فسيفساء جد متنافرة ومعقدة من الأنظمة البيئية والسكان، ابتداء من الجبال الشاهقة المكسوة بالغابات والثلوج إلى أقصى الصحراء، مرورا بالسهول الشاسعة الطميية alluviales ومجاري المياه والبحيرات، والمياه البحرية والمواقع السهوبية، وبالتالي يمكن تقسيم الأنواع الرئيسية للتنوع البيولوجي بالإضافة إلى النظم الإيكولوجية السالفة الذكر إلى : النبيت، الوحيش، والكائنات العضوية الدقيقة.

ومع أن التنوع البيولوجي المغربي ثروة وطنية ذات قيمة عالمية، تعكس احتلال المغرب لمكانة استثنائية على الصعيدين الإقليمي والدولي، تبقى الحاجة ملحة لتعزيز الجهود الوطنية والدولية لحماية هذه الموارد الطبيعية النادرة، واستغلالها بشكل مستدام لخدمة الأجيال الحالية والمستقبلية، فالتحديات البيئية الراهنة تحتم وضع استراتيجيات متقدمة تساهم في الحفاظ على هذا الإرث البيئي، بما يضمن تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وحماية البيئة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق