يواجه السعي نحو إقرار معاهدة عالمية لإنهاء التلوث البلاستيكي تحديات كبيرة، وسط مخاوف من عدم اتفاق الدول حول خفض إنتاج البلاستيك. فقد حذر مفاوضون وخبراء بيئيون، من احتمالية أن تكون المعاهدة في خطر، إذ تكشف وثيقة وزعها رئيس المفاوضات، غياب أي نص واضح يدعو للحد من إنتاج البلاستيك، وهو مطلب تعتبره العديد من الدول أساسياً لمعاهدة قوية وفعالة.
تأتي هذه الوثيقة غير الرسمية كمحاولة لدعم المفاوضين نحو تحقيق تقدم في المحادثات المهمة التي ستُعقد في بوسان، كوريا الجنوبية، الشهر المقبل، حيث سيجتمع ممثلون عن نحو 175 دولة. ورغم ذلك، تبقى هناك خلافات كبيرة بين الدول، مما يعقد التوصل إلى اتفاق حول مسودة المعاهدة التي تتجاوز 70 صفحة وتزخر بالمواقف المتباينة.
وأثارت الوثيقة الجديدة قلقاً واسعاً في الأوساط البيئية. فقد أكدت الوزيرة الفرنسية للتحول البيئي، أنياس بانييه-روناشير، خلال قمة التنوع البيولوجي في كولومبيا، ضرورة تقليص استخدام البلاستيك، محذرة من أن عدم اتخاذ خطوات جادة سيؤدي إلى تضاعف استخدام البلاستيك ثلاث مرات بحلول عام 2060، وقالت: “حتى لو تم تعزيز جهود إعادة التدوير، فلن نتمكن من حل مشكلة التلوث البلاستيكي دون تقليل الإنتاج والاستهلاك للبلاستيك الخام”.
وفي السياق ذاته، شددت بانييه-روناشير على أن التحدي لا يتمثل فقط في توفر الموارد بل يعتمد بشكل كبير على الإرادة السياسية. وأشارت إلى أن دولاً نامية، مثل رواندا، تدعو لصياغة معاهدة ملزمة وصارمة، في حين تنشط فرنسا ضمن تحالف “الطموح العالي” الذي يسعى لتحقيق أهداف ملزمة في مكافحة التلوث البلاستيكي.
وفي تصريحات حذرة، أكد أحد المفاوضين ضمن التحالف، رفض الكشف عن اسمه، أن الورقة غير الرسمية تعتبر ضعيفة إلى درجة تجعل الاتفاق فاقداً للقيمة، واصفاً ما يجري بأنه تجاهل واضح لصحة الإنسان، مشيراً إلى أن بعض الدول تعرقل التدابير الحاسمة لحماية مصالحها الاقتصادية.
وتركز المخاوف بشكل رئيسي على الجزء المخصص للإنتاج في الوثيقة، إذ لم يتضمن أي نص يحدد سقفاً للإنتاج، بل اقترح رئيس المجلس، لويس فاياس فالديفييسو، آلية لرصد الفجوات في المعلومات حول مستويات الإنتاج الحالية. هذا الاقتراح يعكس الانقسام العميق بين الدول التي تسعى لاتفاق ملزم، وأغلب الدول المنتجة للنفط التي تفضل أهدافاً غير إلزامية.
كما عبرت الجماعات البيئية عن قلقها البالغ حيال هذا الوضع. وقال غراهام فوربس، رئيس مشروع البلاستيك العالمي لدى منظمة السلام الأخضر، إنه من الواضح للجميع أن وقف التلوث البلاستيكي يتطلب خفض الإنتاج بشكل ملحوظ، داعياً القادة السياسيين في بوسان للوقوف في وجه صناعة الوقود الأحفوري من أجل معاهدة تحمي صحة الإنسان والتنوع البيولوجي والمناخ.
في المقابل، حذر الصندوق العالمي للطبيعة من ضرورة رفع مستوى الطموح في المعاهدة، خاصة فيما يتعلق بالتدابير الملزمة حول المواد الكيميائية الخطرة وتصميم المنتجات. ويُنتظر أن يقرر المفاوضون قريباً ما إذا كانوا سيعتمدون الورقة غير الرسمية كأساس للنقاش، بالرغم من وجود تحفظات كبيرة على المسودة.
سيكون أمام الدول أسبوع واحد فقط لتجاوز الخلافات الجوهرية حول قضايا مثل حظر المواد الكيميائية والبلاستيكية “المثيرة للمشاكل” وتمويل تنفيذ المعاهدة، فيما يعتقد مراقبون أن المفاوضات قد تتطلب وقتاً أطول أو قد تواجه خطر الفشل.