التغيرات المناخية تُفاقم اضطرابات الصحة النفسية

ECO1710 أكتوبر 2024
التغيرات المناخية تُفاقم اضطرابات الصحة النفسية
أميمة أخي

تؤثر التغيرات المناخية  بشكل متزايد على الصحة النفسية والعاطفية، حيث يُنظر إلى الأزمات البيئية مثل ارتفاع درجات الحرارة، الكوارث الطبيعية، وتغير أنماط الطقس على أنها عوامل تساهم في تفاقم الضغوط النفسية. ويمكن توسيع هذه الفكرة عبر النظر في كيفية تأثير هذه التغيرات على الأفراد والمجتمعات بطرق متعددة، مما يخلق تحديات كبيرة للصحة النفسية على الصعيدين الشخصي والجماعي.

الكوارث الطبيعية والصدمات النفسية 

تؤدي التغيرات المناخية  إلى زيادة في تكرار الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير، الفيضانات، الجفاف، وحرائق الغابات. فهذه الكوارث تتسبب في دمار كبير للبنية التحتية والممتلكات، إلى جانب فقدان الأرواح. الأفراد الذين يتعرضون لهذه الكوارث قد يواجهون مستويات عالية من الصدمات النفسية، والتي قد تتجلى في اضطرابات ما بعد الصدمة ، القلق الحاد، والاكتئاب. وتعافي المجتمعات المتضررة من هذه الأزمات البيئية يتطلب وقتًا طويلاً، بينما يستمر الضغط النفسي لفترات أطول، مما يؤدي إلى تأثر الصحة النفسية بشكل مزمن.

التوتر المرتبط بعدم اليقين حول المستقبل

التغيرات المناخية تخلق حالة من عدم اليقين حول المستقبل، وهو ما يزيد من الشعور بالتوتر لدى الأفراد. فعلى سبيل المثال، المخاوف من نقص المياه، تدهور الأراضي الزراعية، وارتفاع منسوب البحار تهدد الأمن الغذائي والمائي لملايين الأشخاص. هذا النوع من التوتر المزمن يؤثر على قدرة الأفراد على التكيف مع الحياة اليومية ويزيد من احتمالية حدوث اضطرابات نفسية مثل القلق والاكتئاب.

القلق البيئي أو Eco-anxiety

القلق البيئي هو حالة نفسية جديدة نسبيًا تظهر بشكل متزايد مع تصاعد المخاوف حول تغير المناخ. إن القلق البيئي هو الشعور بالخوف والقلق المستمرين من تأثيرات التغيرات المناخية على الكوكب والحياة البشرية. والأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من القلق يشعرون بالعجز حيال قدرتهم على إحداث تغيير حقيقي في مواجهة هذه التهديدات الوجودية. و يتزايد هذا القلق خصوصًا بين الشباب، الذين يشعرون بالضغط بشأن المستقبل البيئي للكوكب وكيفية تأثيره على حياتهم الشخصية والمهنية.

الهجرة المناخية وأثرها على الصحة النفسية

التدهور البيئي يؤدي إلى ما يُعرف بـ الهجرة المناخية، حيث يُضطر الأفراد إلى النزوح من مناطقهم بسبب الظروف البيئية القاسية مثل التصحر أو ارتفاع منسوب البحر. هذا النزوح له عواقب نفسية شديدة، حيث يعاني المهاجرون من فقدان الهوية، الانفصال عن مجتمعاتهم، والشعور بعدم الاستقرار. بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية والاجتماعية، هؤلاء الأفراد يواجهون أيضا ضغوطا نفسية تتعلق بالتكيف مع بيئات جديدة غير مألوفة.

التأثيرات النفسية على الفئات الضعيفة

تتأثر الفئات الأكثر ضعفًا، مثل الأطفال، كبار السن، والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة،  بشكل أكبر بالتغيرات المناخية. والأزمات المناخية تزيد من حدة مشكلاتهم النفسية، حيث يواجهون صعوبات في التأقلم مع الكوارث أو التغيرات البيئية المفاجئة. في العديد من الحالات، هؤلاء الأفراد يحتاجون إلى دعم نفسي إضافي لمواجهة التحديات الناتجة عن التغيرات المناخية، خاصة عندما يكونون في مواجهة مباشرة مع الأزمات البيئية التي تؤثر على مجتمعاتهم أو مناطق سكنهم.

التحديات الاجتماعية وتفاقم الضغوط النفسية

 لا تؤثر التغيرات المناخية فقط على البيئة، بل تُسهم في تفكك النسيج الاجتماعي للمجتمعات كالهجرات المناخية أو الكوارث المتكررة التي قد تؤدي إلى نزاعات اجتماعية وزيادة التوتر بين المجتمعات، وهو ما ينعكس سلبا على الصحة النفسية. وتفاقم التوتر الاجتماعي قد يؤدي إلى زيادة مستويات العنف والإجهاد النفسي، مما يؤثر على رفاهية الأفراد والمجتمعات على حد سواء.

الأثر النفسي المرتبط بفقدان البيئة الطبيعية

بالنسبة للأفراد الذين يعتمدون بشكل كبير على البيئة الطبيعية، مثل المجتمعات الزراعية أو الصيادين، التغيرات المناخية قد تؤدي إلى فقدان مصدر الرزق وزيادة الشعور باليأس لأن فقدان الأراضي الزراعية أو انقراض الأنواع الحيوانية ينعكس على الروابط العاطفية والروحية التي تربط الأفراد بمحيطهم الطبيعي، مما يؤدي إلى الإحباط والاضطرابات النفسية.

دور الحكومات والمؤسسات في دعم الصحة النفسية

من المهم أن تكون هناك سياسات صحية متكاملة تأخذ في الاعتبار التأثيرات النفسية للتغيرات المناخية. ويمكن أن تساهم الحكومات والمؤسسات الصحية في توفير دعم نفسي للأفراد والمجتمعات المتضررة من الكوارث البيئية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمنظمات الدولية أن تلعب دورا مهما في تعزيز استراتيجيات التكيف النفسي مع التغيرات المناخية، من خلال تمويل برامج الصحة النفسية ورفع الوعي حول تأثيرات المناخ على النفسية.

إن التدهور البيئي والتغيرات المناخية لا يؤثران فقط على البيئة المادية، بل يمتدان أيضا إلى الصحة النفسية للأفراد والمجتمعات. و الضغوط النفسية والعاطفية الناتجة عن الكوارث البيئية، القلق البيئي، والهجرة المناخية تؤثر بشكل عميق على الأفراد، مما يبرز الحاجة الملحة إلى دعم نفسي شامل ومستدام للتعامل مع هذه التأثيرات. ينبغي أن تتبنى المجتمعات والحكومات سياسات تسعى إلى معالجة هذه الآثار النفسية وتوفير الموارد اللازمة لتعزيز قدرة الأفراد على التكيف النفسي في ظل التغيرات المناخية المتزايدة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق