تعززت المكتبات العلمية يإصدار جديد بعنوان”ديناميات التراث المادي واللامادي بالواحة المغربية: مقاربات متقاطعة”، صادر عن الكتاب: الصديق الصادقي العماري، عبد الفتاح الزهيدي، غزيزة خرازي، وصادر عن الشبكة الجمعوية للتنمية والتعاون بواحة الرتب-إقليم الرشيدية-المغرب.
يناقش الكتاب التراث الثقافي الواحي كنص من النصوص، بما يتضمنه من تعبيرات مختلفة، يمتلك قوة التأثير وسلطة الإلزام، لأنه ينساب ويتوزع وفق أنساق ثقافية لها أبعادها وخلفياتها وامتداداتها المتجذرة في التاريخ، فهو يختزل كل معالم التعبير الفني والجمالي إما عن طريق الكلمة أو العلامة أو الرمز، من خلال خطاب واضح المعالم مؤسس على قواعد وأصول متعارف عليها بين أفراد الجماعة الاجتماعية، وهي أسس جامعة لا يجب الخروج عليها. فاللحمة وكل أشكال التضامن والحافظية والمحافظة نابعة من عمق هذا التراث، ومن مدى قدرته على بناء حصن مانع ضد الانقسام والتفرقة.
وسواء تعلق الأمر بالأشكال أو النماذج الثقافية بالواحات، أو البنيات الاجتماعية الحاضنة لهذه الأشكال الموروثة، فإن مكونات هذا التراث من جنوب المغرب إلى شماله، تتقاطع في ما هو مشترك بين المغاربة جميعا من حيث القيم والأخلاق الجمعية الناظمة لهذا الشكل أو ذاك، غير أن الإشكال المحوري يتمثل -في نظرنا- في طريقة استنطاق الموروث الثقافي الواحي، وآليات تأويله. وبالتالي تُفتح مجموعة من السبل والاختيارات أمام الباحثين. فمنهم من سعى لتأصيل التراث وإظهاره بشكل وَفِي للأصالة بمعزل عن الثقافات الأخرى المختلفة، ومنهم من حاول أن يجعل منه جسر تواصل مع الآخر في إطار الكونية باعتبارها فضاء بينيا تتقاطع فيه جميع الأشكال الثقافية لضمان تفاعل وتدافع إيجابي بين الشعوب والحضارات.
لذلك، يحاول هذا الكتاب إثارة إشكالات عميقة حول الموروث الثقافي بالواحات المغربية، كما يهدف بداية إلى التعريف بمخزون الواحي، وطريقة وأسلوب بنينته في مجالات واحية مغربية متنوعة، وهذا المشروع تحمله الشبكة الجمعوية للتنمية والتعاون بواحة الرتب-إقليم الرشيدية-المغرب، على عاتقها منذ تأسيسها، عبر سلسلة من التكوينات واللقاءات العلمية، وفي جل إصداراتها المتوالية. لذلك، سعت إلى المساهمة في إغناء حقل البحث العلمي من خلال هذا العمل المشترك، في التفاتة إلى تدوين الموروث الثقافي بالواحات المغربية، وفق رؤية علمية متقاطعة بين مجموعة من التخصصات.