آثار التغيرات المناخية على مستقبل الزراعة والأمن الغذائي بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا

ECO174 فبراير 2025
آثار التغيرات المناخية على مستقبل الزراعة والأمن الغذائي بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا
أمين بوخويمة

أصبح العالم يعيش تحت وطأة التغيرات المناخية القاسية، التي ساهمت في ارتفاع درجات حرارة كوكب الأرض، وانعدام الأمن الغذائي.

وأكد التقرير الصادر عن منظمة غرينبيس للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن القطاع الزراعي الذي يعتبر مهما لحياة الملايين من البشر أصبح مهددا بسبب الطقس المتطرف الذي تسبب في العديد من الخسائر، على رأسها تراجع الإنتاج الزراعي وتأثر الثروة الحيوانية التي بلغت قيمتها 3.8 تريليون دولار على مدار العقود الثلاثة الماضية.

وتتأثر دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمخاطر انعدام الأمن الزراعي والغذائي، رغم أنها تساهم بأقل من 5% من الانبعاثات الكربونية عالميا، إلا أنها تتحمل العبء الأكبر من تداعيات تغير المناخ، كارتفاع درجات الحرارة بمعدل يُضاعف المعدل العالمي، وندرة المياه التي جعلت المنطقة من بين المناطق الأكثر جفافا على المستوى العالمي، مما يضع الأمن الغذائي والزراعي على المحك، في منطقة تعتمد بشكل كبير على الزراعة لتأمين احتياجاتها الغذائية وسبل عيش سكانها.

وحذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية من أزمة تاريخية، حيث يتوقع أن يكون 118 مليون إفريقي عرضة للجفاف والفيضانات بحلول 2030، حيث عرف المغرب سنة 2023 انخفاضا على مستوى التساقطات المطرية بنسبة 28%، مما أدى إلى تراجع الإنتاج الزراعي بنسبة 20%. وفي تونس، تكبد قطاع الحبوب خسائر فادحة، حيث انخفض الإنتاج بنسبة 80%، بينما شهدت الجزائر انخفاضا بنسبة 12% في إنتاج الحبوب.

وتعتبر دلتا النيل في مصر القلب الزراعي للبلاد، لكنها تواجه في المقابل خطر تسرب المياه المالحة وارتفاع مستوى سطح البحر، مما يعرض الأراضي الخصبة لخطر التدهور ويزيد من احتمالية تراجع الإنتاج الزراعي في السنوات المقبلة.

ويصنف الأردن من بين أكثر الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، بسبب محدودية موارده المائية وزيادة الطلب على المياه نتيجة للنمو السكاني المتسارع، وتوسع الأنشطة الصناعية والزراعية، إضافة إلى تأثيرات التغير المناخي، مما يساهم بشكل غير مباشر بنسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي.

وأفاد تقرير إيكونوميست إمباكت المدعم من طرف اليونيسف، بأن ندرة المياه قد تؤدي إلى انخفاض القيمة الزراعية بنسبة 1.2% سنويا بحلول 2030، ما يكبد الاقتصاد الأردني خسائر تصل إلى 29 مليون دولار سنويًا، بينما تشير تقديرات البنك الدولي إلى أن تراجع المياه وتغير المناخ قد يخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.8%، ما يعادل خسائ تُقدر بـ2.6 مليار دولار.

وتفاقم الأزمة المائية انعدام الأمن الغذائي، حيث يعاني 56% من الأردنيين و89% من اللاجئين من انعدام الأمن الغذائي أو احتمال التعرض له، في حين تضاعف انتشار نقص التغذية منذ منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ويأتي العراق في قائمة الدول الأكثر تضررا من التغير المناخي عالميا محتلا المرتبة الخامسة، حيث يواجه أزمة عميقة متعددة الأبعاد بفعل ارتفاع درجات الحرارة، ندرة الأمطار والجفاف المتزايد، سوء إدارة استخدام المياه وتراجع الإمدادات من دول المنبع مما أدى إلى انهيار موارده المائية.

ويواجه العراق منذ سنة 2003، هذه الأزمة المائية، ومع حلول سنة 2019، فقد نحو 53 مليار متر مكعب من مخزونه المائي، وفقا لبيانات وزارة الموارد المائية.

وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن 90% من أنهار العراق ملوثة، ومن المتوقع أن تلبي المياه 15% فقط من احتياجات البلاد بحلول سنة 2035.

وفقد العراق بحسب بيانات هيئة الإحصاء العراقية 61% من الأراضي الزراعية المروية خلال العقد الأخير، وانخفضت مساحات الأراضي الزراعية إلى النصف بسبب التصحر الذي يفقد البلاد 10 آلاف هكتار سنويا وفقا لوزارتي الزراعة والبيئة العراقية.

يمكن القول بأن تغير المناخ ليس مجرد أزمة عابرة، وإنما ضرورة ملحة تستوجب تكاثف الجهود الدولية والوطنية لتعزيز السياسات، لتتماشى مع الواقع العالمي الذي يفرض نفسه خاصة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق